نشأة اللغة العبرية: جاء في الكتب المقدسة أن إبراهيم العبري أب لشعبين عظيمين هما العرب والعبرانيون، ذرية إسماعيل وإسحاق، ولديّ هاجر وسارة.
وتختلف الآراء في سبب تسمية إبراهيم بالعبري، فيرى بعض المستشرقين اعتمادًا على نظرية أحبار اليهود القدماء، أن إبراهيم إنما عرف بالعبري لأنه عبر النهر. وقد اختلف أولئك الأحبار في تعيين ذلك النهر، فذهب بعضهم إلى أنه نهر الأردن، وذهب البعض الآخر إلى أنه نهر الفرات. والواقع أن كلمة “نهر” كانت تطلق في التوراة على الأنهر الكبيرة، دون أن يضاف إليها ما يميز بعضها عن البعض الآخر.
سدوم قرية قوم لوط | علماء يدعون اكتشاف طريقة تدميرها
ويرى بعض العلماء أن إبراهيم وصف بالعبري نسبة إلى أحد آبائه الأقدمين عبير، بالعبرية “עֵבֶר”، وإذا أمعنا النظر في جدول ابناء عبير إلى عهد إبراهيم الخليل وجدنا أن معظم الأمم السامية منسوب إليه.
ويقول إسرائيل ولفنسون في كتابه “تاريخ اللغات السامية” أن كلمة “عبري” لا ترجع إلى شخص بعينه أو حادثة معينة، و‘نما ترجع إلى الموطن الأصلي لبني إسرائيل . وذلك أن بني إسرائيل كانوا في الأصل من الأمم البدوية الصحراوية التي لا تستقر في مكان، بل ترحل من بقعة إلى أخرى بإبلها وماشيتها بحثًا عن الماء والرعي.
الفيلم الاسرائيلي السمت “الطريق” مترجم للعربية
وهو يرى أن كلمة “عبري” في الأصل مشتقة من الفعل الثلاثي “عبر” بمعنى قطع مرحلة من الطريق، أو عبر الوادي أو النهر من عبره إلى عبره، أو عبر السبيل شقها. وهذه المعاني كلها نجدها في هذا الفعل، سواء في العربية أو العبرية، وهي في مجملها تدل على التحول والتنقل الذي هو من أخص ما لايتصف به سكان الصحراء وأهل البادية؛ فكلمة عبري– في رأيه- مثل كلمة بدوي، أي ساكن الصحراء والبادية.
ويرى ولفنسون أن كلمتي “عبري” و “عربي” مشتقتان من ثلاثي واحد هو “عبر”، لأن التصرف في حروف الثلاثي بالتقديم والتأخير شائع جدًا في اللغات السامية. فإننا نجد كلمة تدل على معنى في إحدى اللغات نرى كلمة أخرى من حروف الكلمة الأولى عينها تدل على هذا المعنى نفسه في لغة أخرى، ولكن مع التقديم والتأخير في أحرف هذه الكلمة، مثل: حنش- نحش נחש، وصى صوى צווה، عورة عروة עריות.
وفي العربية نفسها كثير من المترادفات الدالة على معنى واحد، وليس بينها أي اختلاف إلا في ترتيب الحروف من حيث التقديم والتأخير، مثل: يأس وأيس، وجذب وجبذ، وباء وآب، وغير ذلك من الكلمات التي يعتريها القلب المكاني.
تعبيرات عبرية مع الاستماع| حرب الألف א
ونجد هذه الظاهرة عينها في العبرية نفسها مثل: سلمة وسملة، وكبسة وكسبة، وأل ولا. ويستنتج ولفنسون من هذا أن تبديل “عبر” بـ “عرب” محتمل. وعلى هذا الأساس يمكننا أن ندرك الصلة التي تربط كلمة “عربي” بالعربة التي تعني بالعبرية الصحراء.
نشأة اللغة العبرية
دل الاستقراء العلمي على أن اللغة العبرية القديمة قد نشأت في أرض كنعان، حتى قبل نزوح الإسرائيليين إليها. وهذه اللغة هي اللغة التي ورد ذكرها في سفر إشعياء تحت اسم “لغة كنعان”؛ فإنها لما هاجر العبريون إلى أرض كنعان حوالي القرن الثالث عشر ق.م، كانوا يتكلمون آنذاك لهجة تقرب من إحدى لهجات اللغة الآرامية القديمة. ومن ثم راحوا يستعملون لغة البلاد التي هاجروا إليها وأخذوا ينسون تدريجيًا لغتهم الأصلية، ولم يأت القرن الحادي عشر حتى أضحت اللغة الكنعانية هي اللغة المستعملة.
وكنعان هو ابن “حام ابن نوح”، وتسمى باسمه قسم كبير من لبنان وسورية عصورًا طويلة. وتطلق لفظة “كنعان” في الكتاب المقدس على البقعة الممتدة من الأردن إلى البحر الأبيض المتوسط، وكان الفنيقيون يسمون بلادهم بلاد كنعان. وذهب بعض العلماء المحدثين إلى أن كلمة “كنعان” تشمل الأرض المقدسة وجزءًا كبيرًا من لبنان.
تحميل كتاب مختصر تاريخ اللغة العبرية pdf| حاييم رابين
نشأة اللغة العبرية
واللغة العبرية ليست لغة العبريين جميعًا، بل هي لغة فرع واحد، وهو فرع بني إسرائيل. وتعد العبرية أهم اللهجات الكنعانية، وذلك لأنها أوسع انتشارًا وأكثر انتاجًا من سائر هذه اللهجات، بل أنها لتعد من أغنى لغات العالم أجمع في مختلف فنون القول: في المعتقدات والآداب والفلسفة والعلوم والتاريخ وغير ذلك. ولهذه اللغة أهمية دينية كبيرة في البلاد المسيحية، ذلك لأن جميع أسفار العهد القديم قد دونت بها.