خطبة السديس إمام الحرم المكي هل تعني أن قطار التطبيع مستمر؟: انتشر قبل أيام مقطع فيديو لخطيب الحرم المكي عبدالرحمن السديس، حيث تداوله النشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ومنها تويتر، وتداول مغردون مقتطفات من خطبة الجمعة التي ألقاها السديس، وتطرق فيها إلى مفهوم “الولاء والبراء” وعلاقة النبي محمد باليهود.
وأشار السديس في خطبة الجمعة السابقة إلى أنه: “من التنبيهات المفيدة في مسائل العقيدة عدم الفهم الصحيح في باب الولاء والبراء، ووجود اللبس فيه بين الاعتقاد القلبي وحسن التعامل في العلاقات الفردية والدولية”.
وقبل أن يختم السديس خطبته بالدعاء لفلسطين المحتلة، عرج للحديث عن: “العقيدة الصحيحة ووجوب طاعة الإمام خلافا لمن وصفهم بـ “الخوارج المارقين والأحزاب الضالة وجماعات العنف المسلحة”.
جدل حول خطبة السديس
وقد أثارت خطبة السديس موجة من الجدل، إذ رأى فيها مغردون وسياسيون عرب، تمهيدًا لتطبيع قريب بين السعودية وإسرائيل، حيث علقت إحدى المغردات: “السديس يحاول إقناع المسلمين بأن التطبيع مع إسرائيل هو من صميم الدين الإسلامي، هؤلاء الذين كانوا يدعون على غير المسلم في الأعياد وخطب الجمعة، يقفزون من تكفير غير المسلمين إلى تلميع الصهاينة”.
كما أشار مغردون إلى تغير توجهات السديس، واتهموه بتغير موقفه حسب مواقف الحكام، كما ذكر البعض أجزاء من خطبه القديمة، والتي كان يلهب فيها حماس المصلين ببكائه ودعائه لفلسطين، وانتقاده لسياسات إسرائيل وحلفائها.
كما نشر مغردون مقتطفات من خطبة أخرى للسديس كان يمدح فيها إدارة ترامب، ويصف علاقتها القوية بالإدارة السعودية. وقد فتح هذا التذكير بمواقف السديس باب النقاش من جديد بشأن استخدام الدين في الحياة السياسية في المملكة العربية السعودية.
للمزيد إقرأ أيضًا:
- الحلقة الأولى من المسلسل الإسرائيلي “شتيزل” مترجمة إلى العربية
- عندما يتحدث صاحب “الخطابات القاتلة” عن السلام- خطاب نتنياهو “بار إيلان”
- “القتال من وراء جدر محصنة”: البئر- مقر القيادة العليا للجيش الإسرائيلي في أوقات الحرب
وأشار نشطاء ومراقبون سياسيون إلى أن خطبة السديس يوم الجمعة في السعودية كانت ولا زالت مرآة لما يحدث خلف الكواليس وفي القصور؛ لذا فهم يعتبرون خطبة السديس الأخيرة مؤشرًا خطيرًا ودليلاً على تغيير موقف الإدارة السعودية”.
في المقابل رد بعض المغردون على الاتهامات التي طالت السديس، حيث اتهم بعضهم من سموه بـ: “المحور المعادي للرياض” بتحريك جيوشه الإلكترونية للنيل من صورة المملكة والتشكيك في موقفها الثابت والداعم للقضية الفلسطينية.
وأشار بعض النشطاء السعوديون إلى إن البعض تعمد إخراج خطبة السديس من سياقها، مشيرين إلى أن إمام الحرم ختم خطبته بالدعاء للفلسطينيين. ونفى نشطاء سعوديون وجود أبعاد سياسية وراء خطبة الجمعة الأخيرة. وتابعوا بأن التغيرات الأخيرة بدأت تفسر على أنها لصالح التطبيع، في حين أنها سماحة الإسلام واحترامه لكافة الأديان السماوية.
غرد أحد المغردين قائلاً: “الله يعطيه الصحة والعافية شيخنا الفاضل د. السديس، كلامه في محله ويعتبرونه تطبيع أو غير فاليهود بشر، وهم أقرب البشر لنا من الفرس والعثمانيين الأنذال الذين دمروا عالمنا العربي، وأبونا أبو اليهود هو “سام بن نوح”، ونحن ضد الصهيونية، وليس اليهود كبشر، ومتى رأينا أن نطبع لا نستشير أحد.
كما غرد آخر: “أول دولة عربية تطبع مع إسرائيل هم القطريين، وأول دولة خليجية يزورها رئيس إسرائيل هي قطر وبالأخير يهاجمون السعودية، ويهاجمون رمز من رموز الأمة الشيخ السديس، وحتى كلامه في خطبة الجمعة محرفينه عن الواقع”.
كما استحضر آخرون تصريحات الملك سليمان التي أكدت مرارا وتكرارا على مركزية القضية الفلسطينية. وتداول بعضهم تقارير صحفية تتحدث عن فشل مستشار الرئيس الأمريكي جاريد كوشنر، في إقناع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بحضور حفل توقيع الاتفاق الإماراتي الإسرائيلي في واشنطن.
كذلك أعاد بعض المغردون تفعيل وسم #فلسطين-ليست-قضيتي ، الذي تضمن تغريدات لمغردين ينسبون أنفسهم إلى دول خليجية. حيث أعلن المتفاعلون مع الوسم تبرءهم من الفلسطينيين، واتهموهم ببيع أرضهم والتنكر لمن يناصرهم.
في المقابل قوبل هذا الوسم بموجة استنكار واسعة من قبل مغردين سعوديين وخليجيين، وشدد العديد من السعوديين على أنهم أولى بالقضية الفلسطينية من غيرهم، وعددوا مواقفهم التاريخية في نصرة الشعب الفلسطيني مذكرين بموقف الملك فيصل المعروف برفضه لقيام إسرائيل.
في حين حذر مغردون آخرون من تلك الحملات الإلكترونية، ودعوا إلى توحيد الصفوف لنصرة القضية الفلسطينية، وتسجيل موقف شعبي يجبر الحكومات على إيقاف قطار التطبيع.
وبينما ينظر معلقون إلى الاتفاق الإماراتي بعين الرضا، ويعتبرونه تحالفا ضروريا لحماية أمن الخليج من التوسع الإيراني، يعده آخرون خيانة للنضال الفلسطيني وطعنة في الظهر. ويقول مسؤولون إماراتيون وداعمون للاتفاق إن أبوظبي تصرفت لمصلحة الفلسطينيين، من خلال إقناع إسرائيل بالتخلي عن خطتها لضم أجزاء كبيرة من الضفة الغربية.
بيد أن هذا التفسير بدا غير مقنع لآخرين، ممن أبدوا خشية من انضمام دول عربية أخرى للإمارات. حيث يرى هؤلاء إن الحفاوة الإعلامية العربية بالاتفاق، وحرص بعض القنوات على الترويج لبدائل للتصورات التقليدية عن الدين والصراع العربي الإسرائيلي، تؤكد بأن قطار التطبيع مستمر.