مقالات مشابهة
أرض جاسان، مصر السفلى
أرض جاسان هي منطقة خصيبة في مصر، كثيرة المرعى للقطعان والمواشي في ذات الوقت، حيث تتقاطع أرضها داخل أرض الدلتا الخصيبة، التي كان يطلق عليها أرض رعمسيس في بعض أوقات مصر القديمة، وبين الأرض الواسعة شبه الصحراوية التي تقع إلى الشرق من دلتا النيل حتى مشارف سيناء، وكان يطلق على تلك المساحة وادي طميلات، وهي المنطقة المعروفة الآن بالجزء الممتد من شرق وجنوب شرق محافظة الشرقية إلى بلبيس والزقازيق في اتجاه الغرب، ومن جوار أبي زعبل إلى البحر، ومن برية جعفر إلى وادي طميلات.
بلبيس جزء من أرض جاسان
ويقال إن بلبيس التي تنتمي إلى نفس المحافظة كانت جزء من أرض جاسان، وقد أعطاها يوسف الصديق لأبيه وإخوته، فسكنوا فيها هم وذريتهم، ومن بعدهم طوال فترة بقائهم في مصر، وكانت تعد من “أفضل الأرض”، أي أكثرها خصوبه وأصلحها للرعي، حيث كانت مليئة بالمراعي، وهي بذلك كانت مجاورة للعاصمة أواريس عاصمة الهكسوس، التي كان فيها مقر الحكم، وقصر الملك في الجنوب منها.
إقرأ أيضًا: بنو اسرائيل في مصر| 1- يوسف الصديق في مصر
وكانت ارض جاسان وفقًا لذلك الوصف تعد محمية طبيعية منعزلة عن باقي مصر، وعما يحيطها من أراضي، وذلك لانحصارها بين فرع النيل المندثر، المسمى بقناة سيزوستريس من جهة الشمال، حيث كانت جاسان تقع إلى الجنوب منه، ويحدها من الشرق البحيرات المرة، ومن الغرب فروع النيل الأخرى، التي كانت تجري في أرض الدلتا، وبذلك تمكن بنو إسرائيل من العيش بشكل منعزل عن باقي أراضي مصر وسكانها داخل تلك المحمية، وهناك استقبل يوسف أباه وإخوته لما حضروا من أرض كنعان.
وذكر ابن خلدون في تاريخه أن يوسف عليه السلام استقبل يعقوب عليه السلام حين مجيئه إلى مصر بأرض بلبيس بالشرقية، ويروى أن الملك نفسه كان في استقبال نبي الله في ذلك المكان، وأطلق لهم أرض بلبيس يسكنون بها وينتفعون، وكان وصول يعقوب صلوات الله عليه في سبعين فردًا من بنيه.
شاهد أيضًا: الحلقة الأولى من مسلسل ساعة الاغلاق| ساعات قبل حرب أكتوبر
وطبقًا لرواية التوراة ورواية المؤرخين، بالإضافة للشواهد الأثرية والتاريخية المختلفة، فإن جاسان المذكورة في التوراة، هي المنطقة الممتدة ما بين شرق الدلتا، حيث محافظة الإسماعيلية الحالية، وما بين الزقازيق وبلبيس، وهي بذلك كانت تقع جنوب مركز فاقوس الذي يحتوي على آثار مدينة أواريس عاصمة الهكسوس القديمة.
ويقال إن مدينتي بيثوم “بيتوم” ورعمسيس اللتان ذكرا في العهد القديم، كانت تقعان في أرض جاسان، كما يقال إن منيا القمح والواقعة الآن في محافظة الشرقية قد سميت بذلك لشهرتها بزراعة القمح وتخزينه منذ القدم، وأنها كانت من المدن التي يخزن بها القمح والغلة منذ عهد النبي يوسف عليه السلام.
إقرأ أيضًا: حكومة العالم الخفية: ثلاثمائة يهودي يحكمون العالم
وقد اشتهرت محافظة الشرقية أيضًا بالخيول العربية الأصيلة، وهذا لا يرجع فقط إلى تاريخ الفتح العربي لمصر وما بعده، ولكنه يرجع إلى عصور بعيدة في التاريخ، منذ دخل الحصان لأول مرة إلى مصر في عهد الهكسوس، وتركزت تربيته ورعايته في الشرقية قبل أي جزء آخر من مصر.
المصدر: أحمد سعد الدين، فرعون ذي الأوتاد، دار الكتاب العربي، دمشق- القاهرة، ص 316- 318.
