النزاع السياسي على المياه
اطماع اسرائيل في مياه نهر النيل: على مدى التاريخ أثارت نزاعات المياه توترات سياسية عدة، حيث يعاني ثلثا العالم من ندرة المياه خلال شهر على الأقل كل عام، وهو ما يمكن أن يتفاقم إلى الحد الذي قد يترك 700 مليون شخص على الأقل مشردين على مستوى العالم. وقد أشارت الأمم المتحدة أيضًا خمس نقاط ساخنة للنزاعات المائية-السياسية التي قد تحدث في المستقبل، والتي من المرجح أن تكون على مياه نهر النيل، ونهر براهمابوترا (الهند)، ونهر السند (باكستان)، ونهري دجلة والفرات (العراق)، ونهر كولورادو (أمريكا).
اطماع اسرائيل في مياه نهر النيل
تعود الأطماع الإسرائيلية في مياه نهر النيل إلى ما قبل تأسيس الكيان الصهيوني، وتحديداً إلى عام 1903 عندما قدّم زعيم الحركة الصهيونية تيودور هرتزل، مشروعاً يسعى من خلاله إلى بناء مستوطنات في شبه جزيرة سيناء تنضم في وقتٍ لاحق إلى المستوطنات في فلسطين المحتلة، حيث سعت المنظمة الصهيونية التي يمثلها هرتزل إلى توطين اليهود في مدينة العريش المصرية.
ولمواجهة مشكلة ندرة المياه في تلك المنطقة، اقترح هرتزل مد أنبوب على عمق كبير تحت قناة السويس لضخ مياه النيل إلى شبه جزيرة سيناء. غير أن بريطانيا رفضت هذا الطلب، لما له من تأثير سلبي على مشروعات الزراعة المصرية في وادي النيل، خاصة محصول القطن الحيوي للصناعة الإنجليزية.
مشروع اليشع كالي
بيد أن إسرائيل أعادت طرح هذه الرغبة في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، استناداً إلى مقالات ودراسات تناولت المشاريع التي يمكن من خلالها نقل مياه النيل إلى المستوطنات الإسرائيلية. كان أبرز تلك الدراسات ما عُرف بـ”مشروع اليشع كالي” حيث قام المهندس الإسرائيلي اليشع كالي، في عام 1974 بطرح مشروع تضمن نقل جزء من مياه النيل يقدر بـ1% سنوياً لتزويد المستوطنات الإسرائيلية في صحراء النقب وقطاع غزة والضفة الغربية، بواسطة أنابيب تمر تحت قناة السويس بجانب منطقة الإسماعيلية المصرية، يصل طولها إلى 200 كلم.
مشروع ارلوزوروف
وفي عام 1977 قام الخبير الإسرائيلي ارلوزوروف، بطرح مشروع تضمن شق 6 قنوات تحت قناة السويس تعمل على دفع المياه العذبة إلى نقطة سحب رئيسية، ثم ضخ تلك المياه بعد ذلك إلى ارتفاع يبلغ عشرات الأمتار لتدفع بقوة الثقل نحو ساحل شبه جزيرة سيناء، وعبر قنوات فرعية إلى صحراء النقب.
ويقال أيضًا إن الرئيس أنور السادات، قد اقرح خلال زيارته إلى القدس المحتلة عام 1977 مشروع “ترعة السلام”، والذي يهدف إلى نقل مياه النيل إلى القدس المحتلة، لتصبح “آبار زمزم الجديدة”،حيث قال: “باسم مصر وأزهرها العظيم وباسم دفاعها عن السلام تصبح مياه النيل هي آبار زمزم لكل المؤمنين بالأديان السماوية الثلاثة”، متجاوزاً بذلك الاتفاقيات الموقعة عام 1929 وعام 1959 بين مصر ودول حوض وادي النيل والذي يُمنع بموجبها بيع مياه النيل لطرفٍ من خارج دول الحوض.
دان سالازفسكي: “إذا كان أحد يقصد السلام، فينبغي ألا يجادل بشأن المياه”
كما يشار إلى أن نقل مياه نهر النيل إلى فلسطين المحتلة، كان من أهم المشاريع المطروحة في المباحثات المتعددة الأطراف التي عقدت في فيينا عام 1992، حيث تمسك المفاوضون الإسرائيليون بعدم التنازل عن ذلك، تحت ذريعة حاجة إسرائيل إلى المياه في المستقبل، ومن ضمنها مياه النيل. وقد قال أحد المفاوضين الإسرائيليين وهو دان سالازفسكي صراحة: “إذا كان أحد يقصد السلام، فينبغي ألا يجادل بشأن المياه”.
ملف سد النهضة الاثيوبي والأمن المائي لإسرائيل
كما أشارت الكاتبة “شروق طارق” في تقرير نشره موقع “تريبيون”، إلى أن إسرائيل تحاول ضمان أمنها المائي للمستقبل، والحصول على حصة مضمونة من مياه نهر النيل بدعمها لمشروع سد النهضة الاثيوبي.
للمزيد إقرأ أيضًا:
- “وادي الموت” معركة المزرعة الصينية أكبر معركة دبابات منذ الحرب العالمية الثانية
- المسلسل الاسرائيلي “طهران” الحلقة الخامسة|| مترجمة إلى العربية הסדרה טהרן פרק 5
- قبر يوسف عليه السلام: قصة دفن يوسف في النيل
وخلال جولة نتنياهو في عام 2016 وعد رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو بمساعدة إثيوبيا على الاستفادة من مواردها المائية في تطوير الزراعة، وتزويد البلاد بالتكنولوجيا الإسرائيلية، بالإضافة إلى حماية سد النهضة الاثيوبي من أي هجوم محتمل من خلال تثبيت أحدث نظام دفاع جوي لها يدعى «Spyder MR»، الذي يمكنه إسقاط العديد من الطائرات المقاتلة على مسافة 40 كم بأقصى دقة.
أهداف زيارات نتنياهو لإثيوبيا
كما أثارت زيارات نتنياهو العديد من التساؤلات حول الأهداف والعواقب وكذلك التوقيت، الذي تزامن مع توقيع العقود المتعلقة بالدراسات الفنية لسد النهضة الاثيوبي. حيث تشكل استراتيجية إسرائيل الأخيرة في شرق أفريقيا جزءًا من الصراع العربي الإسرائيلي، وجزءًا من العقيدة الأمنية الإسرائيلية القائمة على الاستحواذ والسيطرة على المنطقة. كما أنها تقوم على تطويق الدول العربية وحرمانها من النفوذ داخل أي منطقة تعد واعدة في مجالي التجارة والاستثمار. حتى الآن، على الرغم من كل الاستفزازات، وعدم وجود أمل في جلوس إثيوبيا إلى طاولة المفاوضات، فإن مصر ما زالت تتجنب الرد العسكري.