تم كتابة هذه القصة “العورو والأزمة المفتعلة!!” بعد إصدار اليورو..وبعد أحداث 11 سبتمبر 2001 بأمريكا..ومازالت الأزمة قائمة!!
………………………………
تناقلت وكالات الأنباء العالمية بقلق وإهتمام بالغين الأقاويل المتناثرة والتى إنتشرت إنتشار الأنفلونزا عبر الهواء فتصاعد العطس من الأنوف العربية الشامخة معلنة وصول المقولة الغريبة التى لاقت إستنكارًا عربيًا شديدًا. وملخص هذه المقولة إعتزام الدول العربية إصدار العملة العربية الموحدة وإختاروا لها رمزا مختصرا (العورو).
وقد تستعجب من الإستنكار العربى المذكور أنفًا. ولكنها حقيقـة ذات أسـباب معلنـة, حيث استنكر العرب أن يصدروا عملتهم فى هذا الوقت بالذات (بعد ظهور اليورو) حتى لا يتهم العرب بالتقليد!. وفى مقولة أخرى صرح أحد الإقتصاديين البارزين بأنه يخشى إذا ظهر العورو ألا يلقى رواجًا من العرب أنفسهم لأن العربى (أصيل) وسيرفض أن تحل العملة الجديدة محل (الدولار) المتشعب الجذور فى جيوب الجلاليب العربية !. !!
ويتزايد اهتمام وكالات الأنباء العالمية بهذا الخبر المشكوك فى أمره؛ فيتصدر هذا الحدث المانشيتات الرئيسية فتقرأ (العورو العربى قادم), (العـرب قادموووون), (العرب اتحدووووا)!!!!.
وتتصاعد الأحداث حينما أثارت المانشيتات السابقة الدول دائمة العضوية فى مجلس الأمن؟! والتى قررت على الفور فرض عقوبات إقتصادية جماعية على الدول العربية بلا إستثناء!!! بدعوى الإرهاب الجماعى! وحذروا فى حالة الإصرار العربى على إصدار عملتهم فسيصبح من حق المجتمع الدولى محاربة الإرهاب على الأراضى العربية بإستخدام القوة العسكرية بحثا عن العورو المزعوم!. حيث أرهب العورو المتطرف بظهوره المفاجئ العملات الدولية المعروفة وغير المعروفة ؟؟ فأصيبوا ببوادر إنخفاض فى قيمتهم الصحية؟؟ مما إستلزم من مجلس الأمن علاج هذه الأمراض مبكرا -بطاسة الخضة-المتمثلة فى محاربة الإرهاب الصادر من العورو!!
للمزيد إقرأ أيضًا:
- “ثروة” ما تمت!
- جنرال في الجيش الإسرائيلي: كارثة حرب 73 ليست بشيء مقارنة بالحرب القادمة
- سر العداء بين هرتزل وآل روتشيلد: “خطاب هرتزل إلى آل روتشيلد”
وحتى هذه الأحداث لم تظهر بوادر أزمة. فالعــرب لـم يكلفوا خاطرهم بالإستنكار والشجب حتى أشاع بعض الخبثاء نفاذ الإحتياطى الإستراتيجى العربى منهما!! وإكتفى العرب بالسمع والطاعة خارجيًا وشق الجيوب داخليًا كالمعتاد فى مثل هذه الأحداث العادية! إلى أن ظهرت فى الأفق أحداث جسام مفادها التصميم العربى على حماية العورو وضمان سلامته ورفض تسليمه حتى يتقدم الغرب بتقديم (أدلة إدانته)؟!
وانتظر الغرب أن يتقدم العرب برأيهم فى هذا الموضوع نفيًا أو إيجابًا فتأرجحت الرؤوس العربية يمينًا وشمالاً تمصمص شفاءها فى إندهاش مزمن إعتلى التجاعيد العربية العتيقة! وأغلق كل عربى بابه على نفسه ولسان حاله -وأنا مالى.. وهو أنا وحدى اللى عربى.. إياكش تولع-؟!! -ومن خرج من داره إتقل مقدار- .
وإستشاط الغضب الغربى فقرر الحاكم الدولى العام ومبعوث العدالة الإلاهية بتزعم العالم للرد على الإرهاب العربى الجاثم على أراضيه وبدأت الدول الغربية الحرب مبكرًا، فاعتقلت جميع العرب الموجودين على أراضيها أو حتى القادمين إليها وما زالوا فى الهواء؟ بل وحذرت فى الوقت نفسه الدول العربية من التعرض لرعاياها الغربيين وتوفير سبل الراحة لهم وتوصيلهم أمنين إلى المطارات العربية قبل قصفها!! وإلا فإنها ستتـوقف عـن إرسـال القذائف الغذائية لهم أثناء قصفهم وستمطرهم بصواريخ –قورديحى- بدون لحمة!!
وإرتعضت المفاصل العربية البالية فقاموا على الفور بتنفيذ الأوامر العليا بنفوس راضية! وتشتعل الأحداث عندما أشيع إصابة أحد الرعايا الغربيين بالبلهارسيا المصرية، أثناء إستحمامه (ملط) كما ولدته أمه فى إحدى الترع العربية، فأعلن الحاكم الدولى العام التقدم لسحق البلهارسيا المصرية فى الأراضى العربية، وجعلها هدفًا إحتياطيًا للحرب فإن أفلت العورو فلن تفلت البلهارسيا! وأعلن بأن العالم عليه أن يحدد موقفه بصراحة ووضوح فإما مع الحاكم الدولى العام أو مع البلهارسيا؟!! وهرولت الدول أو ترجلت أو أبرقت للحاكم السمع والطاعة, وأصيب الحاكم الدولى العام بالشلل النصفى-المؤقت- إندهاشا حينما فوجئ بالبرقيات العربية المؤيدة للضربة الغربية للعرب؟؟ فاضطر الحاكم أمام الإحراج العربى له أن يعلن أن الحرب الغربية على العرب لا تستهدف العرب ولكنها تستهدف البلهارسيا!
ومازال العرب على إندهاشهم وثباتهم يتابعون عبر الأطباق الأحداث فيفاجأون بزج أسمائهم مرة وراء الأخرى, حتى ظنوا أن الله سبحانه وتعالى قد بدلهم بعرب أخرين لهم تأثير على مجريات الأحداث بهذا الشكل؟!! وأفـاق العـرب مـن ثبـاتهـم حينمـا رأوا ألاف المقاتلات الغـربيـة من إف16, وإف17 , وإف18, وجميع أرقام الحرف -إف- تغطى السموات العربية!! وتنشق الصحارى عن ملايين الدبابات والمدرعات والتى إستأجر الغرب الأراضى العربية لجعلها “جراج” لهذه المركبات المسالمة!..
وفجأة نظـر العرب فى العين السحرية للعالم فوجدوا إناسا يشبــهونهم لحـد التطابق, ففرق العرب أعينهم فوجدوا فى خلفية الصورة أشلائهم وأشلاء أبناءهم, ودموع نساءهم, ونحيب رجالهم, وإذلال شيوخهم ووجدوا السلاح الغربى مصوبًا تجاه رقابهم، وأدركوا الحقيقة المرة حينما سمعوا القائد الغربى يقول أين العورو..أين البلهارسيا؟ فنظر العرب الباقيين إلى بعضهم البعض وردوا فى نفس واحد “العورو” ؟!! وتطوع احدهم قائلاً: طب البلهارسيا وعارفينها ومستعدين نسلمها لكم وفوقها جميع الأمراض المستوطنة!!..أما العورو فلا نعرف عنه شيئا!. فرد القائد الغربى: سنجد العورو أينما خبأتموه ولن نترككم حتى نصادره.
وتصاعدت الصرخات العربية مع دوى المدافع والصواريخ عابرة القارات, ومع نفاد المؤن وفساد المياه ومع إستمرار البحث عن العورو ظهرت بعض الأنات العربية مطالبة العرب بتسليم العورو حتى تحفظ حياة (الباقيين)؟!! وهنا ظهر شيخ عربى جاثم على الأرض بلحيته الطويلة الملوثة بغبار الحرب وقد ستر عورته بيديه وإستجمع قوته كى يسمعه العرب (الباقيين) قائلا: عليكم بتسليم العورو للغرب لتسلموا.. وستصيبهم لعنته بالهلع والدمار!!. فرد أحد العرب: عورو إيه اللى حنسلمه؟!.. فقال الشيخ: العورو.. هو ضعفكم وإستسلامكم..العورو هو الخوف الجاثم فوق صدوركم من بأس أعدائكم فتزدادو وهناً ويزدادو قوة..العورو هو تشتتكم وتفرقكم.. سلموا العورو لهم تسلموا.
وقال الشيخ كلمته وأسلم روحه لبارئها فبكى عليه العرب بكاءا شديدا وحينما إنتهوا من نحيبهم قال أحدهم: ولكنهم يريدون العورو؟!! الحل هو أن نقدم أحدنا إليهم على أنه العورو المزعوم حتى يتركونا). فنظر العرب بعضهم إلى بعض فى ترقب وحذر وفجأة أشهروا سيوفهم بجسارة فى وجوه بعضهم!! حتى تحولت أنظارهم فجأة إلى جثة الشيخ وظهرت إبتسامة بلهاء على وجناتهم وقالوا فى صوت واحد: وجدنا العورو!!.
وهرولوا بحمله على ظهورهم لتقديمه للحاكم على أنه العورو المزعوم، فما ان دخلوا به بهو الحاكم حتى ألقوا بجثة شيخهم لإلقاء التحية العسكرية للحاكم بثيابهم البالية وأرجلهم الحافية!
– لقد قررنا يا سيدى تسليمكم العورو- وانطلقت ضحكات جبارة من الحاكم وأذنابه أصابت الأذان العربية بالصمم وتحولت تعبيرات وجهه من الضحك الهستيرى إلى الغضب المتأجج وصاح بصوت جهورى-
– أتريدون أن تخدعوا الحاكم يا…… -وأمسك العرب بتلابيبهم وهم يرتعدون وإقترب منهم الحاكم قائلا-
– لقد هرب العورو متسللا إلى إيران و سنتتبعه لإنقاذ الإقتصاد العالمى
بقلم الكاتب والباحث الاقتصادي
د/ علي زين العابدين قاسم