اللغة العبرية| التاريخ والأصل 1

اللغة العبرية| التاريخ والأصل

اللغة العبرية لغة سامية من مجموعة اللغات السامية الشمالية الغربية من الفرع الكنعاني، كما تنتمي إلى مجموعة اللغات الأفريقية الآسيوية.

توجد اللغة العبريه الحديثة في العصر الحديث كلغة حديث وأدب وتعاملات رسمية، ويتحدث بها أكثر من سبعة ملايين شخص موزعين في حدود ما يسمى دولة إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة.

وتنبثق اللغة العبرية الحديثة من اللغة العبرية الكلاسيكية، التي لم تعد مستخدمة لغة للحديث، أو كلغة تعاملات رسمية، إنما تستخدم كلغة دينية يستعملها المتدينون اليهود في تعاملاتهم الدينية، وقد نشأت العبرية الكلاسيكية من محاولة إحياء للّغة العبرية القديمة التي ماتت في القرن الخامس قبل الميلاد.

واللغة العبرية القديمة هي العبرية التي كتب فيها العهد القديم،  وقد أدى السبي البابلي الذي أدى إلى ضياع اللغة العبرية من على لسان اليهود  ، الذين استعملوا الآرامية بدلاً منها، حينما سبيوا من أرض كنعان، فبقيت اللغة العبريه لغة كتابة فقط حتى أحيتها الحركة الصهيونية حديثا.

تم إطلاق العديد من الاسماء على اللغة العبرية، أهمها: لغة كنعان، وهو الاسم الوارد في التوراة، واللغة اليهودية، كونها لغة أساسية في الديانة اليهودية، واللغة المقدسة، بسبب نزول التوراة بها، بيد أن أشهر هذه الأسماء هو اللغة العبريه، والتي سميت نسبة إلى العبرانيين، الذين حملوا اللغة من بعد الكنعانيين.

تم ذكر المصطلح “عبري עברי”، في الكتاب المقدس لليهود- التناخ “العهد القديم“، أربعًا وثلاثون مرة، للإشارة إلى بني إسرائيل، وليس إلى اللغة العبرية. ويعد المصدر الأول الذي ذُكرت فيه كلمة “العبرية“، هو مصدر يوناني من القرن الثاني قبل الميلاد، وهو المصدر الذي يطلب فيه حفيد ابن سيرا في مقدمة ترجمة مقال جده إلى اللغة اليونانية قراءة المقال بعناية لأن المتحدثين بالعبريه ليسوا ماهرين كفاية عند نسخ لغتهم إلى لغة أخرى.

للمزيد إقرأ أيضًا:

أصل الاسم عبري

يعني الاسم العبري في التراث اليهودي “لغة عابر”، وعابر هو اسم الشخصية التوراتية “عابر”، باللغة العبرية עֵבֶר، وهو سلف العديد من الشعوب، بما فيها بني إسرائيل. ووفقًا للتراث اليهودي، وبحسب ما ذكره يهودا اللاوي في كتابه “الخرزي”، رفض عابر المشاركة في بناء برج بابل، وبالتالي لم يُعاقب هو وأحفاده بسبب بناء البرج، ولم تختلط لغته بين اللغات. وبهذا حافظ عابر على اللغة الأصلية- العبريه.

الكلمة “العبرية” بالخط العبري وبالخط العبري القديم

تاريخ اللغة العبرية

مرت العبرية في البداية بمرحلة العبرية القديمة الخالصة، والتي بدأت في القرن العاشر قبل الميلاد تقريبًا؛ فكانت هي اللغة الشائعة في المناطق الجبلية في فلسطين، وقد اتسمت بالنقاء والبعد عن أي تأثيرات أجنبية، وقد دون بها معظم أسفار العهد القديم والأعمال الأدبية الأخرى، وعدد من النقوش الأثرية على الصخور والأحجار والعملات.

ثم تأتي مرحلة تدهور العبرية، والتي تبدأ هذه المرحلة في القرن الخامس قبل الميلاد حيث بدأت تنقرض رويدًا رويدًا، وأخذت اللغة الآرامية تحل محلها شيئاً فشيئا كلغة تخاطب وأدب، لكنها ظلت تستعمل كلغة دينية فقط، وذلك على الرغم من محاولات الحاخامات الحفاظ عليها، ولكنهم فشلوا في مواجهة الصراع القائم آنذاك بين العبريه والآرامية.

وجه الزعماء الدينيين جهودهم نحو شرح وتفسير العهد القديم باللغة الآرامية، بعد أن أصبحت الآرامية هي اللغة الرسمية، لكي يفهم اليهود أصول وطقوس الدين اليهودي، فكتبوا المشناه والجمارا ثم التلمود. وكانت لغة هذه الكتب مختلفة تمامًا في روحها وألفاظها وتراكيبها عن عبرية العهد القديم، حيث ظهر فيها التأثر الشديد بالآرامية، كما احتوت أيضًا على بعض الألفاظ من لغات الأخرى.

تمتع اليهود ببعض الرفاهية الفكرية في الأماكن التي سيطر عليها العرب في فلسطين، والتي أنتجت الكتاب الماسورتيين، والذين وضعوا أساس عملية التشكيل العبري أو التنقيط הנִיקוּד، والذي استمر حتى الآن كنظام التنقيط العبري الرسمي. والذي تم إنتاجه في المدرسة الطبرانية.

وتعد مرحلة الأندلس العربية العصر الذهبي للنتاج الأدبي العبري، حيث ساعد جو التسامح الأندلسي على ازدهار الإنتاج الأدبي واللغوي، وظهور شخصيات ما زالت تحتل الصدارة حتى اليوم في الكتابات الدينية اليهودية واللغوية العبريه مثل موسى بن ميمون وسعديا الفيومي. وتعرف الإنتاجات الأدبية لهذا العصر بـ’الأدب العبري الوسيط’، وقد انتهى هذا العصر الذهبي بسقوط الأندلس.

وتعد فترة الثمانينات من القرن الثامن عشر بداية عصر جديد في تاريخ الأدب العلماني للعبريه. مع بداية حركة الهسكالا في وسط أوروبا، وخصوصًا في ألمانيا (1780-1820)، ثم انتقلت بعدها إلى المجر والتشيك وإيطاليا، وغيرها من البلدان (1820-1850) ووصلت إلى ذروة تطورها في شرق أوروبا وروسيا وبولندا (1850-1881). وقد سُمي الأدباء والمثقفون الذين انتموا لحركة الهسكالا بـ “المسكيليم”، أي المثقفون.

وقد عمل هؤلاء المثقفون من أجل إحياء اللغة العبريه، وتحويلها إلى لغة حديث يومي، وكان الأوائل يميلون إلى توسيع اللغة العبريه وتجهيز كل روافد اللغة من أجل الاستعمال في الكتابة، بينما مال المتأخرون إلى خلق لغة مركبة تختلط بروافد اللغة المختلفة. وعلى الرغم من كل الإسهامات التي ساهم فيها المسكيليم من أجل توسيع الثروة اللغوية العبريه وإحيائها، ومن أجل تحويل لغة المشنا، وبقيةروافد اللغة العبريه إلى مصادر شرعية لتطور اللغة، والرغبة في فرض اللغة العبريه على الجماهير، لم ينجحوا في وضع أسس لتحويل اللغة العبريه من لغة كتابة وإنتاج أدبي إلى لغة حديث.

مع بدء الاستيطان اليهودي في فلسطين، استمر اللغويون العبريون في محاولاتهم لإخراج العبريه من الإنتاج الأدبي والصحفي إلى الشارع، استعملوا الكثير من التعديلات من أجل تليينها على الألسن، حتى نجحوا في إخراج ‘اللغة العبرية الحديثة’. حيث تأسس المجمع اللغوي العبري عام 1889، عن طريق مجموعة من أولئك المثقفين في مدينة القدس على رأسهم إليعازر بن يهودا.

تعد اللغة العبريه حاليًا اللغة الرسمية الأولى للدولة الصهيونية، كما أصبحت تستعمل في شتى المجالات، رغم اختلافها عن العبرية التوراتية القديمة.

عن عزيزة زين العابدين

مترجمة لغة عبرية، وباحثة في الشئون الإسرائيلية في تخصص تحليل الخطاب السياسي الإسرائيلي.

شاهد أيضاً

عبارات عبري للمبتدئين| دليل سريع للعبارات الشائعة

عبارات عبري للمبتدئين| دليل سريع للعبارات الشائعة 1

عبارات عبري للمبتدئين| دليل سريع للعبارات الشائعة