بني براق أو بني براك، باللغة العبرية בְּנֵי בְּרַק، هي مدينة إسرائيلية، تقع على ساحل البحر المتوسط ضمن محافظة تل أبيب. تأسست عام 1924 كمستعمرة ملاصقة لقرية “الخيرية” الفلسطينية المهجّرة بعد حرب 1948. وحسب مكتب الإحصاءات الإسرائيلي، يقطنها مايزيد عن 154,000 نسمة، وتعد واحدة من أفقر المدن الإسرائيلية وأكثرها كثافة بالسكان.
وتعود تسمية المدينة إلى عهد الآشوريين في فلسطين لمدينة قديمة تحمل اسم “بناي بركا”. أغلبية سكان المدينة من اليهود الحريديم.
تاريخ مستوطنة”بني براك” الصهيونية
تأسست مستعمرة بني براك في 13 سبتمبر 1924 كمستعمرة زراعية. تم إنشاؤها من قبل مجموعة “بيت فنحلا” من بولندا، التي سعت إلى الانخراط في الزراعة. كان المستوطنون الأوائل متدينين من مهاجري الهجرة الثانية. تم شراء الأرض 1020 دونم، من خلال شركة “جولا المحدودة” من عائلة البيطار من قرية الخيرية العربية المجاورة (آنذاك – “ابن أبريك”) ، وتم بيع معظمها لأعضاء “بيت فنحلا”.
في البداية أعربت المستوطنة عن أملها في أن يؤدي الاستحواذ إلى تسلسل استيطاني يهودي. من مستوطنة بتاح تكفا (أول مستوطنة يهودية) وحتى يافا، وكان مصدر الرزق الأول للمستوطنة هو زراعة الحمضيات، بالإضافة إلى بعض الصناعات الزراعية الأخرى مثل تربية الماشية للحليب. ومع ذلك ، فإن قربها من تل أبيب أعطى بني براك إحساسًا حضريًا.
لتمويل المستوطنة في السنوات التي تلت صعودها، بذل اليهود العديد من الجهود لشراء الأراضي لتوسيع مساحة المستوطنة، ولإنشاء المصانع والصناعات الخفيفة في المستوطنة الجديدة. كانت الأداة المالية التي تهدف إلى تمويل جميع المشاريع الموجودة في جدول أعمال المستوطنة، والتي قوبلت ببعض الشكوك من قبل المسؤولين التنفيذيين للبنك المجتمعي “بنك بني براك”، وهو بنك تعاوني أُسس في عام 1925 كجمعية تعاونية من قبل لجنة المستوطنين ومؤسسي المستوطنة برئاسة إسحاق جيرشتينكورن. عند تأسيسها، سافر جيرشتينكورن إلى بولندا ثم ثلاث مرات إلى الولايات المتحدة لجمع رأس المال من خلال بيع أسهم البنوك. في سنواته الأولى، عمل البنك كأداة تمويل أساسية لتنمية المستوطنة، وتضاءل وتم إغلاقه بعد حوالي عقد من إنشائه. كما تم إنشاء مصنع نسيج في بني براك باسم”باركاي”.
في عام 1932، أكمل يعقوب هالبيرين شراء آرضي المستوطنة التي خطط لها لبناء جنوب شرق بني براك، وفي العام التالي أكمل المرحلة الأولى – 30 منزلاً. في أواخر عام 1933.
في أواخر صيف 1930، تم إنشاء أول حي في المدينة، وهو حي جفعت روكيح، والذي سمي على اسم إسرائيل روكيح، وهو رجل صناعة يهودي أرثوذكسي ليثواني أمريكي قام بالتبرع للمدينة، حيث أنشأ صندوق منح للمنح طويلة الأجل والقروض للإسكان المخفض في إسرائيل. على المنحدر الشمالي للتلة، اشترى المهندس المعماري والمخطط الأول لـ “بني براك”، جوزيف تيشلر، أرضًا أقام عليها 18 منزلاً في النصف الأول من الثلاثينيات من القرن العشرين، وهي مباني “المهندس تشيلر”. والذي كان أحد آخر أعمال تيشلر كمهندس معماري، وقد انتقل مع عائلته للعيش هناك حتى إنشاء الدولة الصهيونية.
في عام 1933 ، استقر في جفعت روكيح، في بني براك، الحاخام أفراهام يشعيا كارليتز، والذي لقبه اليهود بـ “الرجل ذو الرؤية”. وقد اعتبره أهالي المستوطنة كسلطة دينية عليا يُقرر بموجبها كل شيء. وقد انتشر اسمه في فلسطين كلها وأصبح مرجعية دينية في عموم البلاد، الأمر الذي جعل بني براك مركزًا يهوديًا مهمًا.
للمزيد إقرأ أيضًا:
- هل تكون المدينة الموبوءة في إسرائيل أول نموذج لـ “مناعة القطيع”
- قصة أول مستوطنة يهودية في فلسطين “بتاح تكفا”
- المسلسل الإسرائيلي “اتونوميا- حكم ذاتي” الحلقة الثالثة مترجمة إلى العربية
شارك بعض سكان بني براك في النشاط السري الصهيوني، وفي عام 1947، بدأ نشطاء اتسل (إتسل هي منظمة صهيونية شبه عسكرية وجدت في الفترة السّابقة لإعلان دولة الكيان الصهيوني في فلسطين عندما كانت خاضعة للانتداب البريطاني في الفترة بين 1931 و1948)، وليحي (منظمة عسكرية صهيونية أسسها البولندي أبراهام شتيرن، وتعد من أكثر الميليشيات الصهيونية شراسة وشهرة). ببناء حي تل جبوريم في المستوطنة. بالإضافة إلى الاحتكاك مع الشرطة البريطانية والاعتقالات، كانت هناك أيضًا صراعات عنيفة بين أعضاء الجماعات السرية.
في بداية عام 1948م، كانت بني براك تضم حوالي 8000 نسمة، وخلال إنشاء الدولة الصهيونية والهجرة الجماعية، ازداد عدد السكان بسرعة وبحلول نهاية أكتوبر من ذلك العام كان بها بالفعل 11000 نسمة، الذين بدأوا في الاستعدادات لإعلان بني براك كمدينة، وخلال نفس العام تم التوصل إلى اتفاق حدودي بين مجلسي بني براك ورامات جان على ترسيم الحدود بينهما.
قرية الخيرية الفلسطينية
هي قرية فلسطينيّة تقع 7.5 كيلومترا إلى الشرق من مدينة يافا. فر سكانها نتيجة لهجوم عسكري من قبل الواء ألكسندروني من القوات الصهيونية ما قبل قيام الدولة في الفترة التي تسبق حرب النكبة الفلسطينية عام 1948. استُخدمت في وقت لاحق بعض أراضي القرية من قبل إسرائيل كمكب نفايات.
يعود تاريخ قرية “الخيرية” الفلسطينية إلى وقت الحكم الآشوري في فلسطين، وردت في سجل الملك الآشوري سنحاريب بإسم بناي بركا؛ وخلال الحكم الروماني عرفت بني بيراك. أما سكان القرى العربية فعرفوها باسم بني برق، أو ابن البرق، أو ابن براق. كانت في العام 1596 تحت الحكم العثماني كقرية في ناحية الرملة (لواء غزة)، وبلغ عدد سكانها 154. وكانت تؤدي الضرائب على عدد من الغلال كالقمح والشعير والفاكهة والسمسم، فضلا ًعن أنواع أخرى من الممتلكات، مثل الماعز وخلايا النحل وكروم العنب.
احتلال إسرائيل لـ “قرية الخيرية” وتطهيرها عرقيًا
شهدت قرية الخيرية أعمالاً عسكرية قبل أن يتم احتلالها، وذكرت جريدة فلسطين في 15 ديسمبر 1947، إن سكان الخيرية حفروا خنادق دفاعية وتناوبوا لحراسة محيطها كردة فعل على هجمات تعرضت لها قريتا سلمة والعباسية. سقطت الخيرية في قبضة لواء الكسندروني “كتيبة السبت” بزعامة شومتز ضمن حملة “بيعور حمتس” بتاريخ 29 إبريل 1948 وهُجِر سكانها إلى مخيمات الضفة الغربية والأردن والشتات، وبقيت في موقع القرية بضعة بيوت وإحدى المدرستين وأحد المنازل المحاطة بنباتات برية وشجيرات.
وفي عام 1932 أنشئت على أنقاضها مستوطنة كفار أزار ولاحقًا مستوطنتي رمات بنكاس عام 1952 ورمات إفعال عام 1969. كذلك بنيت فيما بعد رمات جان وجامعة بار ايلان.