لعبة الاكتشافات الأثرية الإسرائيلية تصل بعد القدس إلى الضفة الغربية المحتلة: في إطار لعبة الاكتشافات الأثرية الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية، من أجل إثبات تجذر التاريخ اليهودي في كل شبر من الأرض العربية الفلسطينية، اقترح العالم الإسرائيلي تسفي كونيجسبرغ في محاضرته يوم الأربعاء الماضي، في “متحف أرض العهد القديم”، أن المذبح المفترض وجوده في جبل عيبال، هو المكان الأول “حيث سيختار الرب” ليحل فيه اسمه.
نشرت صحيفة الجيروزاليم بوست الإسرائيلية، مقالاً جاء فيه، أنه على الرغم من أن القدس “أورشليم”، تعد أقدس الأماكن لدى اليهود المتدينين “الحريديم”، والذي يعتبرونه الجزء المتبقي من الهيكل المزعوم. وأنه كون المكان يعد مقدس، بدرجة ما، لدى الأديان السماوية الثلاث، فإنه وبموجب قرار الأمم المتحدة لعام 1948 بالاعتراف بدولة يهودية إلى جانب دولة فلسطينية، اقتُرح أن تكون القدس تحت سيادة دولية، مثل الأمم المتحدة نفسها. كما اقترح الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون، أن السيادة الإسرائيلية على الموقع قد تمتد إلى داخل جبل الهيكل، تاركةً للأردنيين إدارة القمة. الأمر الذي يعد مهم بالنسبة لكثير من اليهود، لأن الحفريات الأثرية في الجبل ضرورية لاستكشاف بقايا الهيكل المزعوم.
للمزيد إقرأ أيضًا:
- إسرائيل تحيي ذكرى ليلة البلور “الكريستال”
- قصة أول مستوطنة يهودية في فلسطين “بتاح تكفا”
- ما هي “خطة الون” التي توصي بضم غور الأردن والتي ينوي نتنياهو تطبيقها؟
القدس أم الضفة الغربية المحتلة؟
على الرغم مما مرت به القدس، من قررات دولية، ومساعي دبلوماسية، وصراعات إقليمية، يُطرح السؤال الآن في إسرائيل: ماذا لو لم تكن القدس هي المكان الأول المقصود في التوراة، في الفقرة في (سفر التثنية 26: 2): “وَتَذْهَبُ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي يَخْتَارُهُ الرَّبُّ إِلهُكَ لِيُحِلَّ اسْمَهُ فِيهِ.”. ماذا لو كان الموقع الإلهي الأول- المكان الوحيد على الأرض الذي اختاره الله ليحل فيه اسمه- بحسب المعتقد اليهودي- لم يكن في القدس، بل في الضفة الغربية المحتلة؟
هذا ما اقترحه الباحث المستقل المولود في الولايات المتحدة، تسفي كونيجسبرغ، في مقابلة مع صحيفة “معاريف”، المجلة العبرية الشقيقة لصحيفة جيروزاليم بوست.
ووفقًا لما نشرته الجيروزاليم بوست، فقد عمل كونيجسبرغ مع عالم الآثار الراحل آدم زرتال، لسنوات عديدة. قام زرتال بعمليات تنقيب واسعة النطاق فيما يُعرف بأنه جبل عيبال التوراتي، الواقع في الضفة الغربية المحتلة- والمعروف بأنه جزء من الأرض التي احتلها بني إسرائيل، والتي وعدهم بها إله التوراة. كشف زرتال هناك عما زعم أنه المذبح الذي بناه يوشع بن نون خليفة موسى. اقترح العلماء اليهود أنه بجانب المذبح، تم كتابة التوراة بـ 70 لغة مختلفة على ألواح كبيرة من الحجارة لإخبار الأمم الأخرى، أن هذه كانت أرض العبرانيين.
غير أن كونيجسبرغ يذهب بإدعاء كرتال إلى أبعد من ذلك، مما يوحي بأن، جبل عيبال، وليس جبل الموريا (الاسم الآخر لجبل الهيكل)، هو الموقع المذكور في التوراة. وعلى هذا فإن هذا الطرح لا يصيب مكانة القدس الفريدة فقط، وإنما يربك النموذج الحالي لدراسات العهد القديم.
في القرن السابع عشر، صاغ ويلهلم مارتن ليبرخت دي ويت، ويوليوس فيلهاوزن نظرية “مصادر العهد القديم”، والتي تقول إن الكتاب المقدس مؤلف من أربعة مصادر مختلفة، مؤرخة بشكل مختلف وتعكس اهتمامات ووجهات نظر محرريها. وفقًا لهذه النظرية، فإن سفر التثنية، والذي يظهر فيه التعبير ” الْمَكَانِ الَّذِي يَخْتَارُهُ الرَّبُّ إِلهُكَ ” أكثر من 20 مرة، يضع أورشليم في الاعتبار.
بناءً على هذه الفكرة، اقترح الباحثان أن سفر التثنية قد كتب خلال حكم الملك يوشيا في القرن السابع قبل الميلاد. وأن يوشيا، الذي أراد أن يضمن أن تكون القدس مركزًا للعبادة الدينية، هو أحد الأسباب لوجهة النظر الشائعة بأن القدس هي المكان الذي قصده الرب لعبادته.
ويضيف أصحاب هذا الطرح، أن التوراة نفسها تصف كيف، بعد أن تم نقل مذبح يوشع المصمم للعبادة الدينية إلى شيلوه، أصبح المعبد الذي بناه سليمان محطته الأخيرة. وأنه بات من المعروف الآن أيضًا أنه بعد تدمير الهيكل الثاني، أصبح المعبد اليهودي في مصر، والمعروف باسم معبد ليونتوبوليس (المعروف بمعبد أونياس)، هو الذي يخدم المجتمع اليهودي هناك.
إلا أن كونيجسبيرج يدعي أنه إذا كان محقًا في اكتشاف زرتال بأنه “المكان” المشار إليه في تلك الفقرات، فإن سفر التثنية كان يتم تأليفه أثناء غزو كنعان على يد العبرانيين، وهو أقدم مصدر يستخدم لكتابة العهد القديم.
وقال كونيجسبيرج في المقابلة: “الشيء الأكثر أهمية هو أن لدينا الآن اكتشافًا أثريًا يدل إلى حد ما، على أن التوراة ليست خيالًا كاملاً”، وأن بها “نواة الحقيقة على الأقل”.
وقد قوبل اقترح زرتال بأن جبل عيبال هو الموقع الذي بنى فيه يوشع مذبحه، باستنكار شديد من زملائه. ومنهم عالم الآثار آرون كمبينسكي.
هل يوجد مذبح يهوه في الضفة الغربية المحتلة؟
قبل هذا المقال الذي نشرته البوست بستة أيام، نشرت البوست مقالاً بعنوان: هل مذبح الرب موجود في شيلوه، في الضفة الغربية المحتلة؟ حيث قام قبل أسابيع قليلة فريق مكون من 200 عالم آثار ومتطوع، بالتنقيب في حقل شيلوه القديم. هذا الصيف، بتوجيه من الدكتور سكوت ستريبلنج، حيث قاموا باكتشاف القرن، الذي كان أحد الزوايا الأربع لمذبح قديم، كما هو موضح في (سفر الملوك الأول 2: 28): “فَأَتَى الْخَبَرُ إِلَى يُوآبَ، لأَنَّ يُوآبَ مَالَ وَرَاءَ أَدُونِيَّا وَلَمْ يَمِلْ وَرَاءَ أَبْشَالُومَ، فَهَرَبَ يُوآبُ إِلَى خَيْمَةِ الرَّبِّ وَتَمَسَّكَ بِقُرُونِ الْمَذْبَحِ”.
ويرى ستريبلنج، مدير الحفريات في شيلوه القديمة، ورئيس رابطة أبحاث التوراة، إن هذا الاكتشاف يتفق مع ما كان يتوقع أن يجده في حقول المدينة القديمة، والتي بحسب ما جاء في العهد القديم، يوجد بها خيمة تابوت العهد.