تفسير الارض التي باركنا فيها، والرد على حجة اليهود من الآية الكريمة

تفسير الارض التي باركنا فيها، والرد على حجة اليهود من الآية الكريمة


تفسير الارض التي باركنا فيها، والرد على حجة اليهود من الآية الكريمة: تعددت المواضع التي ذُكرت فيها قصة بني إسرائيل مع فرعون وتعذيبه واستضعافه لهم، وقتل ابنائهم واستحياء نسائهم، إلي ان أرسل الله لهم سيدنا موسي عليه السلام لينقذهم من أيدي فرعون الطاغي، ويخرجهم من ظلماته إلي نور الله والإيمان به.

وكذلك المواضع التي ذُكر فيها قصة سيدنا موسي مع قومه، حيث وصفهم العهد القديم بشعب صلب الرقبة، لكونهم كانوا دائمًا في جدال واسع مع موسي عليه السلام وكثيري العناد، وكذلك قصة نبي الله موسي مع فرعون الظالم، ومثل ذلك الحديث الذي دار بينه وبين سحرة فرعون، وبين فرعون أيضًا وسحرته.

كل ذلك كان في مواضع مختلفه ولمقاصد واسباب مختلفه عن سابقيه. وبناءًا علي ذلك فقد تسبب هذا التكرار في الحديث عن بعض الشبهات علي مقاصد تلك الآيات وتفسيراتها، ولربما كان لاعتناق المنافقين من اليهود للدين الاسلامي سببًا في ذلك، الأمر الذي جعل بعض من حاخامات اليهود الحاليين يتمسكون ببعض آيات القرآن الكريم وتفاسيرها حجة لثبوت أحقيتهم في أرض فلسطين، ونفس الوضع بالنسبة للمطبعين العرب، مثل الناشط السعودي لؤي الشريف، والذي استشهد أيضا بالقرآن الكريم لإثبات أحقية اليهود بأرض فلسطين.

في هذا المقال سوف نعرض أحد هذه الآيات وتفاسيرها المختفلة وحجة حاخامات اليهود بها:
قال تعالي في كتابه الكريم:

“وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا ۖ وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَىٰ عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا ۖ وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ”.

تفسير الارض التي باركنا فيها

قال أهل التفسير والتأويل في تفسير الارض التي باركنا فيها إن المستضعفين هم بنو إسرائيل، فقد أورثهم الله مشارق ومغارب الأرض التي باركنا فيها، وهنا اختلف أهل العلم حول موضع هذه الأرض، فقال البعض أنها بلاد الشام، فنقلاً عن السلف الصالح قالوا أن الأرض التي باركنا فيها هي أرض الشام، ومن أهل اللغة من قال أن المقصود أننا أورثنا القوم الذين استضعفوا في مشارق ومغارب الأرض أورثناهم الأرض المباركة وهي الشام، ورد علي ذلك بأنه غير صحيح، لأن بني اسرائيل لم يستضعفوا في ذلك الوقت إلا من فرعون في مصر.

للمزيد إقرأ أيضًا:

والكلمة الحسني هي تمكينهم في الأرض، ونصرهم علي فرعون وقومه؛ وعلي ذلك فقد دمرنا ما كان يفعل فرعون وقومه وماكانوا يبنون من قصور وأبنية وأخرجناهم منها.

ومن منظور آخر لـ تفسير الارض التي باركنا فيها يعتبرها دكتور محمد عصمت بكر في كتابه “جذور الفتنة أجيال بني إسرائيل الأولى”، شبهة وليس المقصود به ماذكره المفسرون، وإنما كان ذلك تفسيرًا تناوله البعض عن البعض، إلي أن قدسوه، وقد دار بحثه حول ثلاث محاور رئيسيه وهي: الأرض الموروثة، والمورث لهذه الارض، والقوم الذين ورثوها.

فالمتعارف عليه من خلال الآيات أن فرعون هو الموروث، والأرض التي وُرثت هي الشام، استنادا إلى قوله باركنا فيها، فيقول صاحب الكتاب أن ذكر الأرض بالبركة لايعتبر ذلك دليلا علي كونها فلسطين؛ لأن الذكر بالبركة دون الذكر بالقداسة، فكل أرض ذات خير وفير كانت أرضًا مباركة، وذلك كون أرض فلسطين والشام ومصر أراضي ذات خير وبركة، ولما كان المقصد بأرض فلسطين، لم يصفها الله تعالي بوصف يوحي السعة من الشرق الي الغرب، وبما أن فرعون كان حاكمًا علي أرض مصر، فكان الأنسب أن تكون تلك الأرض هي أرض مصر، ويدخل في حوزتها ماكان يحكمها ويرثها فرعون وهي أرض فلسطين والشام، وكذلك الحبشة.

ولكن لما كانت الأرض الرئيسية التي يحكمها فرعون هي مصر، فكان لذلك إلقاء الضوء عليها من خلال الآية الكريمه أي تلك الأرض هي أرض مصر.

ويأتي هنا المحور الثالث وهي من هؤلاء الورثة، هل هم بنو إسرائيل حقًا؟ يقول الكاتب أن الآية الكريمة تقع بين فصلين من القصة، فالفصل الأول هو استضعاف فرعون لبني إسرائيل، وكذلك لمن خالفوه من الشعب المصري، والمرحلة الثانية وهي هلاك فرعون وتخليص الناس من شروره فالآية الكريمة جاءت تذييلاً لمرحلة ظلم فرعون وتمهيدًا لمرحلة ما بعد هلاكه.

إن الآية تمهد لذكر الأوضاع في مصر بعد العهد الفرعوني، وذلك لذكر حالة بني إسرائيل بعده؛ فعلي ذلك تكون الشخصيات التي بُنيت عليها الآية ثلاث وهم: فرعون وجنوده، والقبط الذين آمنوا بالرسالة الموسوية، وموسي عليه السلام وقومه.

وتكون بذلك مواضيع الآيه الثلاث علي هؤلاء الأشخاص الثلاث أيضًا، فالموضوع الأول وهو قوله تعالي: “وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا”، فالمصريون المؤمنون هم ورثة تلك الأرض المباركة سواء كانت مصر أم الشام أم كلاهما معًا، وذلك للطبيعة المتعارف عليها بالورث، حيث إنه انتقال ملكية شئ من شخص هلك إلى شخص آخر، علي أن يكون ذو علاقة وصله بالشخص الهالك، ولم ينطبق عليه تلك الصفة سوي المصريون، بينما شعب اسرائيل فليس لهم علاقة أصلاً بفرعون ولا بأرض مصر، وإنما العلاقة القوية هي التي كانت بين قوم فرعون وفرعون، فكان لهم حق الوراثة، وقد استضعفهم فرعون وعذبهم حينما آمنوا بموسى عليه السلام، فقد صلبهم في جذوع النخل وقطع أيديهم وأرجلهم؛ ولذلك وصفهم الله بالمستضعفين أيضًا.

والموضع الثاني: “وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا”، فهم شعب بني إسرائيل، والذين تمت لهم كلمت ربهم، وهي الخلاص والخروج من أرض مصر ومجاوزتهم للبحر.

والموضع الثالث: “وهو وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ”، والذي ينطبق علي فرعون و قومه، وهلاك الله لهم وهلاك ماكانوا يفعلونه بالناس، سواء كان هؤلاء بني إسرائيل أم المؤمنون من المسلمين.

في الختام .. أيًا كان من تلك التفسيرات صحيحة، فالحقيقه الملموسة والواقعية، أن الله تعالي قد سلب من بني إسرائيل ذلك الوعد والميثاق الذي كتبه لهم، وذلك بناءًا علي كفرهم ونقضهم لميثاق الله تعالي، فقال الله تعالي:

“وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ”.


وقوله تعالي:

“مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ، أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ * إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنْ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ”.

عن ياسمين ممدوح

شاهد أيضاً

قصة سيدنا ابراهيم كاملة كما وردت في التوراة

قصة سيدنا ابراهيم كاملة كما وردت في التوراة

قصة سيدنا ابراهيم كاملة كما وردت في التوراة

تعليق واحد

  1. ❤️❤️❤️❤️❤️💪💪🤝🤝🤝🤝