نشر موقع إسرائيلي تقريرًا حول مخاوف إسرائيلية بشأن التظاهرات اللبنانية الحالية ضد الصعوبات المعيشية، جاء فيه أن عدم الاستقرار في لبنان يشكل خطراً حقيقياً على إسرائيل، حيث يمكن أن يشعل حزب الله النيران الداخلية في لبنان.
وذكر التقرير أن الأزمة السياسية الطويلة الأمد في لبنان لم تتراجع، حتى بعد انتخاب رئيس الوزراء الجديد الأسبوع الماضي حسن دياب، وزير التعليم السابق والأستاذ في الجامعة الأمريكية في بيروت، والذي حصل على دعم معظم الفصائل البرلمانية، بما فيها حزب الله. وأنه على الرغم من ذلك فقد خرج آلاف المحتجين في لبنان إلى الشوارع مطالبين باستقالته.
وقد حذر التقرير، من أن لبنان هي أقرب جيران إسرائيل من جهة الشمال، وأنها تختلف عن الدول العربية الأخرى، من حيث أن لها نظام سياسي خاص، والذي يتم فيه تعيين المناصب البارزة في المؤسسات الحكومية، وفقًا لتقسيم المجتمع إلى طوائف دينية، وقد تم الاتفاق على هذا النظام السياسي بعد الحرب الأهلية عام 1989؛ ووفقًا لذلك، فإن الرئيس دائمًا ما يكون مسيحيًا مارونيًا، ورئيس الوزراء مسلم سني، ورئيس البرلمان مسلم شيعي.
بالإضافة إلى ذلك، هناك 54 مقعدًا في البرلمان مخصصة للمسيحيين، و 54 مقعدًا إضافيًا مقسم بالتساوي بين السنة والشيعة، أما المقاعد الأخرى فهي مخصصة للدروز والأقليات العرقية الأخرى.
للمزيد إقرأ أيضًا:
- قناة تلفزيون لبنانية تعلن مسودة ترامب لصفقة القرن
- إسرائيل اليوم: فضيحة إسلام الكوميكس الإسرائيلي
- القناة العبرية الـ”12″: مصر ضمن أقوى 10 قوات جوية في العالم
وأضاف التقرير، أنه على الرغم من أن الغرض من هذا النظام السياسي كان بناء نظام إدارة فعال، وإلغاء الكراهية العرقية التي أدت إلى الحرب الأهلية وتعزيز الوحدة والسلام، فقد أدى في الواقع إلى حالة من الجمود السياسي المميت، حيث يشهد لبنان حاليًا أزمة اقتصادية واجتماعية حادة، وفساد واسع النطاق في البلاد، بالإضافة إلى مشاكل شديدة في التوظيف.
كل هذا كان بمثابة القشة الأخيرة التي قصمت ظهر… المدنيين، تلتها استقالة رئيس الوزراء السابق سعد الحريري، بالإضافة إلى فرض ضريبة على تطبيق واتس آب، الذي يفضله الكثير من اللبنانيين بسبب ارتفاع تكلفة الاتصالات الهاتفية العادية.
وأشار التقرير إلى أنه على الرغم من أن الجالية اليهودية في لبنان ليست كبيرة، فإن الأحداث التي تجري في البلاد تؤثر بشكل مباشر على كل من مستقبل هذه الجالية، بالإضافة إلى الوضع في إسرائيل.
وتكمن المخاوف الإسرائيلية من أن لبنان هو جزء مما يسمى الهلال الشيعي، الذي يضم أيضًا العراق وسوريا واليمن، كما توجد جماعات شيعية محلية مسلحة تعمل لصالح إيران. كذلك فإن التهديدات الكثيرة من قبل منظمة حزب الله الشيعية، والتي لها تأثير كبير على السياسة اللبنانية، بالطبع فإنها تثير اهتمام كبير في إسرائيل لكل حركة داخلية.
بحسب التقرير، فإنه في الحقبة التي حكم فيها العرب المسيحيون لبنان، عومل اليهود بتسامح نسبي. وفي منتصف الخمسينيات كان هناك حوالي 7000 يهودي. ومع ذلك، كما في أي دولة عربية، لم يكن وضع اليهود مستقرًا. غادر معظم اليهود لبنان في عام 1967. خلال الحرب بين المسلمين والمسيحيين. من عام 1975-1976، وقعت العديد من العمليات العسكرية حول الحي اليهودي في بيروت، مما أدى إلى تدمير العديد من المباني، بما فيها المراكز التجارية والمعابد اليهودية.
وقد هاجر الـ 1800 يهودي الذين تبقوا في لبنان عام 1976؛ حيث كانوا يخشون الوجود السوري في لبنان، الأمر الذي قد يحرمهم من حرية الهجرة. هاجر معظم اليهود إلى أوروبا (فرنسا بشكل أساسي) والولايات المتحدة وكندا.
يعيش الآن معظم اليهود الباقين في لبنان في بيروت، وأشار التقرير، إلى أنه في الوضع السياسي الحالي، لا يمكن لليهود الحفاظ على التوراة والوصايا بحرية.
كما صرح التقرير إلى وجود تعصب ضد اليهود في لبنان، حيث أشار إلى تدمير تمثال الفنان البريطاني الشهير ناتانئيل راكوفا في بيروت في هذا الشهر، والذي لم يكن له أية علاقة بالثقافة اليهودية، لكنه كان يشبه نجمة داود من زاوية معينة. وأشار التقرير كذلك إلى أنه في وقت سابق من هذا الشهر، لحقت أضرار جسيمة بالمقبرة اليهودية في صيدا، التي لا تزال تضم واحدة من أقدم المعابد اليهودية في العالم، التي تم بناؤها عام 833، أثناء تدمير “الهيكل الثاني”.
وأضاف أنه من الصعب الحصول على بيانات دقيقة عن عدد اليهود في لبنان حاليًا، حيث يخفي الكثير منهم مصدرهم حتى عن أصدقائهم. نتيجة لذلك، هناك فجوة كبيرة بين عدد اليهود اللبنانيين المسجلين على هذا النحو والبيانات التي تم الحصول عليها من السكان المحليين ومجلس الجالية اليهودية اللبنانية. وأشار أن التاريخ المحلي في أوائل الستينيات من القرن الماضي، يشير إلى وجود ستة عشر معبدًا يهوديًا في بيروت، بالإضافة إلى المعابد اليهودية في مدن أخرى في البلاد، لكن اليوم تم التخلي عنها جميعًا، أو أنها موجودة فقط كآثار، مثل الكنيس البالغ من العمر 322 عامًا في دير القمر أو حمدون.
وبحسب التقرير، بدأت في عام 2009، بمساعدة بعض التبرعات الخاصة، أعمال الترميم في أكبر معبد يهودي في لبنان “ماجن أبراهام מגן אברהם”، والذي يقع داخل “الربع اليهودي” في وادي أبو جميل. وقد دعم قادة الدولة من المسلمين مبادرة ترميم الكنيس. حيث أكد رئيس الوزراء في تلك السنوات، فؤاد السنيورة، أن المشكلة في نظره هي فقط دولة إسرائيل، وليس الدين اليهودي.
وأضاف أن ممثلو حزب الله أيضًا ذكروا أن اليهود كانوا موجودون دائمًا في لبنان، معربين عن ترحيبهم بترميم كنيسهم. ومع ذلك، وبمجرد الانتهاء من الترميم، تم تأجيل افتتاح الكنيس عدة مرات.
بناء على كل ما تقدم، يمكن تحليل الأحداث الحالية والتفكير في السيناريوهات المحتملة التي يمكن أن تتطور فيها الدولة؛ لذلك إذا تم تلبية مطالب المتظاهرين بالانتخابات البرلمانية، وإقامة حكومة جديدة من التكنوقراط- أولئك الذين لا علاقة لهم بأي من الأحزاب السياسية الممثلة في البلاد.
على الرغم من أن رئيس الوزراء المنتخب حديثًا، حسن دياب، نفى أن تكون الحكومة الجديدة التي أوشك على تشكيلها تحت تأثير حزب الله بالكامل، إلا أنه لم يتمكن من الحصول على دعم الأحزاب السنية الرئيسية والحركة الاحتجاجية. ويؤكد الخبراء على الصعوبات التي يمكن أن يسببه هذا الأمر في الحصول على المساعدة المالية الدولية، وهو أمر ضروري للتغلب على الأزمة الاقتصادية.
وأشار التقرير إلى أنه بجانب حقيقة أن الدول العربية- مع تعقيدها العرقي والديني- تواجه صعوبات في إدارة سياسات وطنية متوازنة ومعقولة، فإن المظاهرات قد تكون دليلاً على أن النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط في أزمة لأنه يستثمر بكثافة في الجماعات المسلحة الشيعية وينشر فكرة الإسلام السياسي، لكنه لا يساهم بأي طريقة في حل المشاكل الحالية للشيعة في المجال الاقتصادي وخلق مستوى معيشي لائق.
وأضاف أنه قد تصبح الاحتجاجات المستمرة بادرة لوضع مماثل في إيران نفسها، التي تعاني من مشاكل مماثلة: مثل الفساد والبطالة وتدني مستوى المعيشة والتوزيع غير العادل للثروة.
من ناحية أخرى، يشير التقرير، إلى أن عدم الاستقرار في لبنان يشكل خطراً حقيقياً على إسرائيل، وعلى الحدود الشمالية وما حولها، عندما يمارس حزب الله “استفزازات” ضد إسرائيل، لصرف الانتباه عن الاحتجاجات والمشاكل الداخلية، كما حدث في الماضي.
وأخيرًا، يشير التقرير، أنه إذا فشلت القوى السياسية اللبنانية في تشكيل حكومة وتحقيق توازن سياسي في البلاد، فقد يؤدي هذا الوضع إلى حرب أهلية جديدة، لا تعرض فقط يهود بيروت الباقين للخطر، وإنما إسرائيل كذلك، الأمر الذي يمكنه أن يغير من موازين القوى في المنطقة بأسرها.