رفعت إسرائيل السرية عن الإنذار المعروف بـ”البيان الذهبي”، الذي تسبب تأخيره بهزيمة إسرائيل في بداية حرب اكتوبر 1973.
وتفيد المعلومات المنشورة في هذا البيان، بحسب ما نشرته صحيفة “تايمز أوف إسرائيل“، بأن الاستخبارات الحربية الإسرائيلية قد تلقت إنذارًا قبل حوالي 24 ساعة من بدء الهجوم المفاجئ للجيشين المصري والسوري في سيناء وهضبة الجولان في يومالسادس من أكتوبر 1973.
في هذا الوقت تأخر رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية وقتها إيلي زعيرا، بتسليم الإنذار المهم الذي كان من شأنه أن يؤثر بشكل جوهري على تطورات الأحداث في حرب اكتوبر 1973، إلى الحكومة مدة 10 ساعات.
وفي البيان الذي رفعت عنه إسرائيل السرية تضمن أيضا المراسلات السرية بين ايلي زعيرا و”لجنة أغرانات”، المعنية بالتحقيق في فشل الجيش الإسرائيلي والاستخبارات العسكرية الإسرائيلية في الاستعداد للحرب الوشيكة.
وقد فسر وقتها زعيرا قراره بعدم إحالة “البيان الذهبي” إلى الحكومة الإسرائيلية على الفور، بأنه كان في انتظار معلومات استخباراتية أخرى أكثر موثوقية، كما أنه ما زال متمسكا بموقفه، وحمل السلطات المدنية والحكومة الإسرائيلية مسؤولية الإخفاق في الاستعداد.
للمزيد إقرأ أيضًا:
- إسرائيل عن معركة المنصورة الجوية: احتفل المصريون بهذا الانتصار وكأنهم فازوا باليانصيب لشهر على التوالي
- خطاب بيغين أمام الرئيس السادات في الكنيست
- وثائق إسرائيلية رسمية تؤكد: الموساد نشر كتاب “نكت سياسية” في مصر قبل حرب أكتوبر لإزعاج القيادة المصرية
كما اعتبر زعيرا احتمال الحرب مع مصر وسوريا وقتها “أقل من القليل”، وبحسب التقييمات التي قدمها زعيرا إلى هيئة الأركان الإسرائيلية في اجتماع يوم 5 أكتوبر 1973.
يُذكر أيضًا أنه بعد ساعات قليلة من الاجتماع وصل إلى الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية بيان الإنذار من مصادر استخباراتية أطلق عليه اسم “البيان الذهبي” أو “المعلومات الذهبية”، والتي قالت فيه المصادر إنها رصدت مغادرة المستشارين العسكريين السوفيت للأراضي السورية مع عائلاتهم.
كما جاء في البيان الذهبي الذي تلقته الاستخبارات الإسرائيلية أنه: “نعلم… أن سوريا تخرج الخبراء السوفيت وأن الطائرات بدأت بالإقلاع من دمشق متوجهة إلى موسكو. وتقول ذات المصادر إن عائلات الدبلوماسيين السوفيت بدأت بمغادرة دمشق. وتضيف المصادر أن السوريين يفسرون الإخراج بأنه بسبب نوايا سوريا ومصر شن حرب على إسرائيل وبالتالي يتم إخراجهم. لمعلوماتكم”.
وبالتوازي مع حدوث ذلك رصدت الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية مغادرة المستشارين السوفيت وعائلاتهم مصر، حيث أبحرت بالفعل جميع السفن السوفيتية من بورسعيد والإسكندرية.
كما كانت الاستخبارات الإسرائيلية في حالة ارتباك بسبب مغادرة السوفيت، لأنه كانت لديها شكوك في ما إذا كان ذلك دليلاً على خلافات بين موسكو ومصر وسوريا، أو على احتمال الهجوم العربي.
وفي المعلومات التي رفعت عناه إسرائيل السرية ذكرت أن الضابط الإسرائيلي الذي تلقى “المعلومات الذهبية”، قد تلقى أمرًا من رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية بتأخير هذا الإنذار.
وفي الصباح من اليوم التالي، وهو صباح السادس من أكتوبر، أي يوم اندلاع حرب اكتوبر 1973، قدمت الاستخبارات العسكرية الإنذار للحكومة الإسرائيلية.
وبعد سبع ساعات ونصف من ذلك بدأ الهجوم المصري في سيناء والهجوم السوري في هضبة الجولان، كما بدأت الحرب التي استمرت 19 يومًا، وقُتل فيها 2500 عسكري إسرائيلي.
قصة حرب اكتوبر 1973
حرب أكتوبر، هي حرب شنتها كل من مصر وسوريا على إسرائيل عام 1973 وهي رابع الحروب العربية الإسرائيلية بعد حرب 1948، وحرب 1956، وحرب 1967، حيث احتلت إسرائيل في الحرب الثالثة شبه جزيرة سيناء من مصر، وهضبة الجولان من سوريا، بالإضافة إلى الضفة الغربية التي كانت تحت الحكم الأردني، وقطاع غزة الخاضع آنذاك لحكم عسكري مصري.
بدأت الحرب يوم السبت السادس من أكتوبر، الموافق العاشر من رمضان 1393 هـ، بتنسيق هجومين مفاجئين ومتزامنين على قوات الاحتلال الإسرائيلي؛ أحدهما للجيش المصري على جبهة سيناء المحتلة وآخر للجيش السوري على جبهة هضبة الجولان المحتلة. وقد ساهمت في الحرب بعض الدول العربية سواء بالدعم العسكري أو الاقتصادي. كما انتهجت الدولتان خطة الخداع الاستراتيجي التي ساهمت بنصيب كبير في انتصار حرب اكتوبر 1973.
عقب بدء الهجوم حققت القوات المسلحة المصرية والسورية أهدافها، من شن الحرب على إسرائيل، وكانت هناك إنجازات ملموسة في الأيام الأولى للمعارك، حيث عبرت القوات المصرية قناة السويس بنجاح وحطمت حصون خط بارليف، وتوغلت 20 كم شرقاً داخل سيناء، فيما تمكنت القوات السورية من الدخول إلى عمق هضبة الجولان وصولاً إلى سهل الحولة وبحيرة طبريا.
في نهاية حرب اكتوبر 1973، انتعش الجيش الإسرائيلي، حيث تمكن من فتح ثغرة الدفرسوار على الجبهة المصرية، كما عبر الضفة الغربية لقناة السويس، وضرب الحصار على الجيش الثالث الميداني ومدينة السويس، ولكنه فشل في تحقيق أي مكاسب استراتيجية سواء باحتلال مدينتي الإسماعيلية أو السويس، أو تدمير الجيش الثالث أو محاولة رد القوات المصرية إلى الضفة الغربية مرة أخرى، أما على الجبهة السورية فتمكن من رد القوات السورية عن هضبة الجولان واحتلالها مرة أخرى.
تدخلت الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي في حرب اكتوبر 1973 لتعويض خسائر الأطراف المتحاربة، حيث مدت الولايات المتحدة جسراً جوياً لإسرائيل بلغ إجمالي ما نقل عبره 27895 طناً، في حين مد الاتحاد السوفيتي جسراً جوياً لكل من مصر وسوريا بلغ إجمالي ما نقل عبره 15000 طناً.
انتهت الحرب رسمياً في يوم 24 أكتوبر باتفاق وقف إطلاق النار الموقع بين الجانبين العربي الإسرائيلي، بيد أن هذا الاتفاق لم يدخل حيز التنفيذ على الجبهة المصرية فعليّاً حتى يوم 28 أكتوبر.
أما على الجبهة المصرية فقد حقق الجيش المصري هدفه من الحرب بعبور قناة السويس وتدمير خط بارليف واتخاذ أوضاع دفاعية، وعلى الرغم من حصار الجيش المصري الثالث شرق القناة، فقد وقفت القوات الإسرائيلية كذلك عاجزة عن السيطرة على مدينتي السويس والإسماعيلية غرب القناة.
مباحثات الكيلو 101
تلا ذلك مباحثات الكيلو 101 واتفاقيتي فض اشتباك، ثم جرى لاحقاً بعد سنوات توقيع معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل في 26 مارس 1979، واسترداد مصر لسيادتها الكاملة على سيناء وقناة السويس في 25 أبريل 1982، ما عدا طابا التي تم تحريرها عن طريق التحكيم الدولي في 19 مارس 1989.
أمّا على الجبهة السوريّة، فقد وسّع الجيش الإسرائيلي الأراضي التي يحتلها وتمدد حوالي 500 كم2 وراء حدود عام 1967، فيما عُرف باسم جيب سعسع، وتلا ذلك حصول حرب استنزاف بين الجانبين السوري والإسرائيلي استمرت 82 يوماً في العام التالي، وانتهت باتفاقية فك الاشتباك بين سوريا وإسرائيلن والتي نصت على انسحاب إسرائيل من الأراضي التي سيطرت عليها في حرب أكتوبر، ومن مدينة القنيطرة، بالإضافة لإقامة حزام أمني منزوع السلاح على طول خط الحدود الفاصل بين الجانب السوري والأراضي التي تحتلها إسرائيل.
في النهاية يمكننا أن نقول أن الاستعداد والتخطيط لحرب أكتوبر من خلال الخداع الاستراتيجي، والذي كان كلمة السر في حرب أكتوبر، بالإضافة إلى دور الإعلام في الخداع الاستراتيجي، حيث لعب عنصر المفاجئة الدور الأكبر في نصر أكتوبر، حيث تسأئل البعض: هل عرفت إسرائيل موعد الحرب، ومن وضع خطة حرب أكتوبر، ومن ساهم في خدعة حرب أكتوبر.