يمثل هذا المقال رأي صاحبه ولا يعبر نهائيًا عن رأي الموقع أو محرر المقال
عملية رفح الإسرائيلية تؤثر على خطط مصر
قائمة المحتويات
بينما لعبت مصر دور الوسيط في جميع الحروب والأزمات السابقة بين إسرائيل وحماس منذ عام 2007، يبدو أن تدخلها الحالي أكثر شمولاً.
ذكرت صحيفة الأهرام مؤخرًا أن مصر قدمت عشرات الآلاف من جلسات الدعم النفسي للفلسطينيين المصابين منذ بداية الحرب في غزة. تبدو هذه القصة الإخبارية البسيطة جزءًا من حملة إعلامية وعلاقات عامة شاملة لإظهار التزام مصر بالقضية الفلسطينية.
منذ 7 أكتوبر، وجدت مصر نفسها في قلب النزاع. ومع وجود حدود مشتركة مع غزة منذ فك الارتباط الإسرائيلي في 2005، تخشى مصر من نزوح جماعي للفلسطينيين الفارين – أو المطرودين – عبر تلك الحدود إلى سيناء. مثل هذا السيناريو سيشكل تهديدًا أمنيًا وإنسانيًا كبيرًا لبلد يعاني بالفعل من عدد كبير من السكان الفقراء، والذي تغلب مؤخرًا على تهديد خلايا الدولة الإسلامية بين البدو في شبه جزيرة سيناء. بالإضافة إلى ذلك، تستضيف مصر بالفعل حوالي نصف مليون لاجئ، معظمهم من السودان وسوريا.
تتعامل مصر أيضًا مع قضايا اقتصادية خطيرة. انخفضت إيرادات قناة السويس بسبب هجمات الحوثيين في مضيق باب المندب، وتراجعت السياحة، وانخفضت إيرادات الغاز الطبيعي، وارتفعت معدلات الفقر بسبب تصاعد الأسعار. لذلك، فإن إنهاء الحرب يمثل أولوية قصوى لمصر. ومع ذلك، يوفر النزاع أيضًا للرئيس عبد الفتاح السيسي فرصة لاستعادة قيادة مصر في العالم العربي.
منذ بداية الحرب، قادت مصر جهود الوساطة بين إسرائيل وفتح، بالتعاون مع قطر. وبينما لعبت مصر دور الوسيط في جميع الحروب والأزمات السابقة بين إسرائيل وحماس منذ عام 2007، يبدو أن تدخلها الحالي أكثر شمولاً.
أحدث المقالات
- دوله فلسطينية في سيناء: حل أصيل مع ريفييرا أم أحلام صحراوية؟ 2
- دولة فلسطينية في سيناء| حل أصيل مع ريفييرا أم أحلام صحراوية؟ 1
- جيروزاليم بوست| كيف تحول حسن نصر الله من العدو المفضل لإسرائيل إلى رجل ميت
- القوة العسكرية وحدها لا تكفي| قراءة في استراتيجيات الصراع العربي الاسرائيلي
- مقال إسرائيلي| الديكتاتورية تحت ستار الحرب قراءة في سياسات نتنياهو وغالانت
تستخدم مصر عدة أصول في جهودها الوسيطية. أولاً، العلاقات المباشرة التي تحافظ عليها مع كل من إسرائيل وحماس تتيح لها نقل الرسائل بسرعة وموثوقية. ثانيًا، حافظ جهاز المخابرات العامة المصري على علاقات عمل مع قادة حماس لسنوات عديدة. وأخيرًا، تشكل علاقات مصر مع إدارة بايدن إضافة إلى ذلك. وعلى الرغم من أن مصر تفتقر إلى النفوذ المالي والاقتصادي، فإن قطر تعوض هذا بمواردها الخاصة وعلاقاتها الاستراتيجية.
ومع ذلك، تعتبر مصر وسيطًا أكثر موثوقية أو “موضوعية” في نظر إسرائيل والولايات المتحدة. تتقاطع مصالح مصر مع مصالح إسرائيل فيما يتعلق بإضعاف حماس، رغم أن مصر تفضل رؤية سلطة فلسطينية معززة في غزة، وهو موقف تعارضه إسرائيل حاليًا.
يتجاوز دور مصر الوساطة. إنها لاعب أساسي في نقل المساعدات الإنسانية إلى غزة عبر معبر رفح. تقدم وسائل الإعلام المصرية تقارير مفصلة عن عدد شاحنات المساعدات التي تمر، مما يؤكد دور مصر في تخفيف الأزمة الإنسانية. بالإضافة إلى ذلك، يُعالج الفلسطينيون المصابون من غزة في مستشفيات القاهرة، وإن كان ذلك بأعداد محدودة.
مصر تسعى لإنهاء الحرب واستعادة الهدوء
تهدف سياسة مصر إلى إنهاء الحرب لإعادة الهدوء إلى غزة، ومنع تدفق اللاجئين، وتحقيق الاستقرار في اقتصادها. بالإضافة إلى ذلك، تأمل مصر في الحصول على مكاسب كبيرة في السياسة الخارجية.
أولاً، تسعى مصر إلى تعزيز مكانتها مع إدارة بايدن كحليف مهم وموثوق به. هذا مهم بشكل خاص نظرًا لاحتمالية توقيع الولايات المتحدة اتفاقية دفاع مع السعودية، مما قد يرفع مكانة السعودية كأهم حليف أمريكي في المنطقة. قد يؤدي تحسين موقفها مع الولايات المتحدة أيضًا إلى تقليل الانتقادات والتدخل الأمريكي بشأن سجل نظام السيسي في مجال حقوق الإنسان.
ثانيًا، يتعلق العائد المحتمل بمكانة مصر في العالم العربي، التي تراجعت على مدى العقود الأخيرة. أدى النمو السكاني السريع، ونقص الموارد النفطية (باستثناء الغاز الطبيعي)، وعواقب الربيع العربي إلى تركيز مصر بشكل أكبر على الشؤون الداخلية. في المقابل، أصبحت دول الخليج الغنية بالنفط والغاز – وخاصة السعودية، الإمارات وقطر – الدول العربية الرائدة.
ترتبط القيادة في العالم العربي أيضًا بالوساطة في الصراعات الإقليمية. يتمتع هذا الدور بمكانة خاصة في سياق القضية الفلسطينية، التي تعتبر مهمة في السياسة العربية وفي تعزيز شرعية القادة الوطنيين. بينما تركز الإمارات على تقديم المساعدات الإنسانية وتسعى السعودية لتقدم اتفاقية الدفاع مع الولايات المتحدة (وربما تطبيع العلاقات مع إسرائيل)، فإن مصر منخرطة بعمق في الوساطة.
قدمت مصر لإسرائيل وحماس عدة مقترحات لإنهاء الحرب، وكان أبرزها في ديسمبر 2023 وأبريل 2024. واثقة من الصفقة الأخيرة، وجدت مصر أن حماس تعدل الاقتراح ليناسب مصالحها الخاصة بشكل أفضل. رداً على ذلك، حاولت مصر إجبار إسرائيل على اتخاذ موقف من خلال وقف أو تأخير تسليم المساعدات الإنسانية عبر معبر رفح (الذي تسيطر عليه إسرائيل من الجانب الفلسطيني)، مهددة بخفض العلاقات الدبلوماسية، وإعلان دعمها لقضية جنوب أفريقيا في محكمة العدل الدولية في لاهاي التي تتهم إسرائيل بالإبادة الجماعية في غزة.
بالمفارقة، يمكن لمصر أن تستفيد من أي نتيجة تقريبًا. إذا تم منع عملية رفح وتم التوصل إلى صفقة، فإن الفضل سيعود بشكل كبير إلى السيسي، مما يرفع مكانة مصر. إذا مضت إسرائيل في عملية رفح ونجحت في القضاء على حماس، فإن هذا يتماشى أيضًا مع مصالح مصر، رغم أنها لن تعلن ذلك علنًا.
تكمن المشكلة الحقيقية إذا لم تتحقق أي من النتائج. حتى الآن، نجحت العلاقات الإسرائيلية-المصرية في التغلب على العديد من العقبات والتحديات، لكن عملية رفح قد تكون نقطة تحول. من منظور مصر، يخاطر ذلك بإرسال الفلسطينيين إلى أراضيها، مما يعرضها لانتقادات شديدة في الرأي العام المصري والعربي ويزيد من زعزعة استقرار المنطقة.
فشل اقتراح الوساطة المصري يضر أيضًا بجهودها لقيادة حل عربي للصراع. عملية رفح الإسرائيلية تخاطر بأن تكون “الكثبان” الأخيرة في العلاقات الإسرائيلية-المصرية، مما يجهد التوازن الدقيق الذي حافظ على تعاونهما حتى الآن.