حتى اللحظة الأخيرة، لم تقدر المخابرات الأمريكية أن الحرب كانت على وشك أن تندلع في الشرق الأوسط في المدى القريب. كانت عوامل فشل تقييم الاستخبارات المركزية الأمريكية كثيرة، وكما هو الحال في إسرائيل، تم إلقاء المسؤولية الأساسية على مسؤولي البحث.
في ذكرى حرب السادس من أكتوبر 1973 تكشف إسرائيل عن بعض الوثائق المتعلقة بالحرب، وما حدث في الخلفية، في الأروقة السياسية، وأجهزة الاستخبارات المركزية، وفيما وراء خطوط النار. وحيث أن مسئوليتنا في الأساس والتي من أجلها تعلمنا لغة عدونا، هي نقل وترجمة هذه الوثائق، في رحلتنا لمعرفة الحقيقة، نقدم في هذه السطور وثائق تم نشرها مؤخرًا في الدورية الاستخباراتية “מבט- צל”מ” تعرض عوامل الفشل الاستخباراتي الأمريكي، ومدى تأثيره في هزيمة إسرائيل، وإليكم الترجمة كاملة، والتي ننشرها على أجزاء:
فشل الاستخبارات المركزية الأمريكية
كان الفشل الاستخباراتي واضحًا، حيث فوجئت تمامًا الاستخبارات الأمريكية عندما شنت الجيوش المصرية والسورية هجومًا على إسرائيل في السادس من أكتوبر. حتى اللحظة الأخيرة ، لم تكن المخابرات الأمريكية تعرف أو تقدر أن الحرب كانت على وشك أن تندلع في الشرق الأوسط في المدى القريب. على سبيل المثال، ذكر تقرير الاستخبارات اليومية لوكالة الاستخبارات الدفاعية (DIA) في 6 أكتوبر 1973 أنه “لا توجد مؤشرات أو سياسات عسكرية بشأن النوايا المصرية أو الاستعدادات لتجديد الأعمال العدائية ضد إسرائيل”.
الغرض من المقال هو عرض عوامل الفشل الأمريكي، ودراسة ما إذا كان مستوى نظام جمع المعلومات الأمريكي كان كافياً لتوفير معلومات التحذير، وتحليل سبب فشل نظام البحث الأمريكي. يستند المقال ، الذي يعد جزءًا من عمل أوسع، أساسًا إلى دراسة أولية لتقارير ودراسات أجهزة الاستخبارات الأمريكية التي سُمحت بنشرها، ولا سيما تقرير فريق البحث المذكور، الذي تم نشره في ديسمبر. 1973.
للمزيد إقرأ أيضًا:
- وثائق إسرائيلية رسمية تؤكد: الموساد نشر كتاب “نكت سياسية” في مصر قبل حرب أكتوبر لإزعاج القيادة المصرية
- تقرير يؤكد: الولايات المتحدة أخفت معلومات عن تجارب نووية إسرائيلية قبل 40 عامًا لعدم الإضرار باتفاقية السلام مع مصر
- مقتطفات من خطاب جولدا مائير في اليوم الأول لحرب أكتوبر
عوامل فشل أجهزة الاستخبارات المركزية الأمريكية في حرب أكتوبر 1973
كان أساس الفشل الاستخباراتي الأمريكي في التنبؤ بنشوب حرب في الشرق الأوسط يعود إلى عدة تقديرات خاطئة أهمها:
- ساد الاعتقاد في أوساط المخابرات الأمريكية بأن مصر وسوريا ليست لديهما القدرة العسكرية على شن حرب ضد إسرائيل. حيث ذكرت دراسة مشتركة أجرتها وكالة الاستخبارات المركزية (CIA) ووكالة الاستخبارات الدفاعية (DIA) في يوليو 1973 بوضوح أن القوات العسكرية المصرية لن تتمكن من عبور قناة السويس إلى حد كبير. على الأقل ، ووفقًا لما جاء في المعلومات المنشورة، لم يكن لدى الأميركيين “تصور” محدد حول نوع القدرة التي ستسمح لمصر بالعمل ضد إسرائيل. وهذا يتناقض مع موقف الدراسة التي أجراها جهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلي “أمان”، التي ذكرت أنه من دون قاذفات بعيدة المدى، فإن مصر لن تخوض الحرب.
- كان جهاز الاستخبارات الأمريكية يرى أن مصر وسوريا تتفهمان جيدًا تخلفهما العسكري، وأنهما لا تريدان دخول حرب يعرفان أنهما سوف يهزمان فيها، وبالفعل، وكما اتضح فيما بعد، كان الهدف المصري من الحرب تحريك المسار السياسي لاستعادة سيناء، حتى لو كان وقود اشتعالها ينطوي على هزيمة عسكرية.
- اعتقد المحللون الأمريكان أن المجتمع المصري لا يستطيع تحمل ضغوط مواجهة عسكرية أخرى، وأن أي تحرك عسكري استباقي يمكن أن يهدد حكم الرئيس السادات.
- بناءً على التحليلات المذكورة أعلاه، قدّرت أجهزة الاستخبارات الأمريكية أن مصر وسوريا تعطيان الأولوية لاستراتيجية سياسية لتحقيق أهدافهما الوطنية، وأنهما تخليا عن استراتيجية الحرب لتحقيق أهدافهما، أو على الأقل في عملية التخلي عنهما.
- لم يفهم معظم المسؤولين الأميركيين موقف السادات من القوى العظمى. لم يفهموا ، أنه من وجهة نظر الرئيس المصري فإن الجهود السوفيتية- الأمريكية لتهدئة التوتر بين الدول يتعارض مع المصالح المصرية.
- أخيرًا ، أخطأ الأمريكيون في سلسلة من التقديرات العسكرية الاستراتيجية والعملية والتكتيكية. منها على سبيل المثال، عدم اعتقادهم أن مصر وسوريا ستعملان معا بشجاعة، وأنهما سيحافظان على تحركاتهما سرية ، وعدم اعتقادهم بأن القوات العراقية ستشارك في القتال، بالتأكيد ليس بشكل مؤثر.