ميراث النساء في قصة بنات صلفحاد وموسى عليه السلام

بنات صلفحاد يقدمن دعواهن إلى النبي موسى

لم يكن هناك تشريع بشأن ميراث النساء قبل حادثة بنات صلفحاد. وتبدأ القصة في السنة الأخيرة من تيه بني إسرائيل في صحراء سيناء، حيث قدمت خمس بنات دعوى إلى النبي موسى، بأن أبيهن قد توفى دون ذكور، وليس هناك من يرثه، وأنه من الظلم ألا يكون له نصيب في أرض كنعان، وأن يمحى ذكره من عائلته، وأنه مات بذنب شخصي، وهذا ليس سبب في سلب حقه في الأرض، كما جاء في سفر العدد:

“فتَقَدَّمَتْ بَنَاتُ صَلُفْحَادَ بْنِ حَافَرَ بْنِ جِلْعَادَ بْنِ مَاكِيرَ بْنِ مَنَسَّى، مِنْ عَشَائِرِ مَنَسَّى بْنِ يُوسُفَ. وَهذِهِ أَسْمَاءُ بَنَاتِهِ: مَحْلَةُ وَنُوعَةُ وَحُجْلَةُ وَمِلْكَةُ وَتِرْصَةُ. وَوَقَفْنَ أَمَامَ مُوسَى وَأَلِعَازَارَ الْكَاهِنِ وَأَمَامَ الرُّؤَسَاءِ وَكُلِّ الْجَمَاعَةِ لَدَى بَابِ خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ قَائِلاَتٍ:أَبُونَا مَاتَ فِي الْبَرِّيَّةِ، وَلَمْ يَكُنْ فِي الْقَوْمِ الَّذِينَ اجْتَمَعُوا عَلَى الرَّبِّ فِي جَمَاعَةِ قُورَحَ، بَلْ بِخَطِيَّتِهِ مَاتَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ بَنُونَ. لِمَاذَا يُحْذَفُ اسْمُ أَبِينَا مِنْ بَيْنِ عَشِيرَتِهِ لأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ابْنٌ؟ أَعْطِنَا مُلْكًا بَيْنَ إِخْوةِ أَبِينَا». (سفر العدد 27: 1- 4)

للمزيد إقرأ أيضًا:

عرضت الفتيات حلاً شرعيًا، وهو أن يُسمح لهم بميراث أبيهن؛ وبذلك يكون له نصيب من الأرض مع بقية الأسباط. قدم موسى عليه السلام الدعوى إلى الله، الذي أمر بقبول دعوى بنات صلفحاد ومنحهن حصة في الأرض، بعد ذلك أخبر الله موسى ببقية تفاصيل قوانين الميراث.

فَقَدَّمَ مُوسَى دَعْوَاهُنَّ أَمَامَ الرَّبِّ. فَكَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى قَائِلًا: بِحَقّ تَكَلَّمَتْ بَنَاتُ صَلُفْحَادَ، فَتُعْطِيهِنَّ مُلْكَ نَصِيبٍ بَيْنَ إِخْوَةِ أَبِيهنَّ، وَتَنْقُلُ نَصِيبَ أَبِيهِنَّ إِلَيْهِنَّ. وَتُكَلِّمُ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَائِلًا: أَيُّمَا رَجُل مَاتَ وَلَيْسَ لَهُ ابْنٌ، تَنْقُلُونَ مُلْكَهُ إِلَى ابْنَتِهِ. وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ ابْنَةٌ، تُعْطُوا مُلْكَهُ لإِخْوَتِهِ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إِخْوَةٌ، تُعْطُوا مُلْكَهُ لإخوَةِ أَبِيهِ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لأَبِيهِ إِخْوَةٌ، تُعْطُوا مُلْكَهُ لِنَسِيبِهِ الأَقْرَبِ إِلَيْهِ مِنْ عَشِيرَتِهِ فَيَرِثُهُ». فَصَارَتْ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ فَرِيضَةَ قَضَاءٍ، كَمَا أَمَرَ الرَّبُّ مُوسَى.

بعد دخول بني إسرائيل إلى أرض كنعان، وقبل توزيع الأرض على الأسباط الاثني عشر، وكما جاء في سفر (العدد 36: 1- 12)، حدث تطور في موضوع بنات صلفحاد، حيث أثار أفراد سبطهن “سبط منسي” موضوع المشاكل التي نشأت بسبب ميراث النساء، حيث يتم تعريف الهوية القبلية تبعًا للانتماء إلى سبط الأب، وإذا تزوجت بنات صلفحاد من سبط آخر، فسيأتي الوقت الذي تنتقل فيه أملاكهن إلى ابناءهن، وإذا لم يكونوا من سبط منسي، فسوف يتناقص نصيب سبط منسي من الأرض. وكان الحل هو أن يتزوج بنات صلفحاد من سبط منسي “من ابناء أعمامهن”.

وعلى هذا أصبحت القاعدة، هي أنه إذا ورثت ابنة أبيها، فيجب عليها أن تتزوج من سبط أبيها، إلا أن الحاخام رشبام “شموئيل بن مئير” يرى أن هذه القاعدة تسري فقط على الداخلين إلى أرض كنعان بعد التيه فقط، وأنه بعد وفاة هذا الجيل بأكمله، يمكن للبنت الوريثة أن تتزوج من سبط آخر.

وعلى الرغم من ذلك، فإن ميراث النساء يكون مقيدًا بحالات معينة، ومرتبط بوجود ذكور لأبيها من عدمه، حيث نجد أن التشريع اليهودي مال إلى توريث الذكور دون الإناث، ويرجع ذلك لأسباب قبلية، لازالت موجودة حتى الآن في بعض المجتمعات المنغلقة، من أن الولد يحافظ على جنس الأب، بينما البنت تنتقل إلى أسرة أخرى. وأن الولد يحافظ على تقاليد الأسرة بينما البنت غير قادرة على ذلك، وأن الولد لا يباع بينما البنت تباع عند الزواج، وأن الولد يعد في مكانة الأب في مباشرة بعض المهام.

كذلك فإنه في حالة الحرب كانت القبيلة الأكثر في عدد الرجال هي من يمكنها الانتصار في الحرب والحصول على أفضل الأراض. كذلك وبحسب القانون الغير مكتوب، والمعروف بـ “قانون الصحراء، نص على ألا يرث النساء والأطفال، لأن الذي يرث هو من يحارب، أي أن حق الملكية والميراث كان مقصورًا على رجال القبيلة، ومن أجل هذا كان الحليف يرث حليفه لأن الأصل في الحلف هو المؤاخاة والتعاقد على الموت.

وهكذا لم تنصف الشريعة اليهودية المرأة اليهودية فيما يتعلق بالميراث، حيث إن الزوج يرث الزوجة، والزوجة لا ترث الزوج، ولا ترث البنت في تركة أبيها مادام هناك ذكور، ويرث الولد البكر نصيبين كنصيب أي أحد من أخوته، والبنت البكر ليس لها أي امتيازعلى أخواتها، ويحدد ميراث البنت التي لم تتزوج بعشر التركة فقط، وهناك من أفتى من الفقهاء اليهود، أن نصيبها يقع على الأموال المنقولة، وليس على الأملاك العقارية.

عن عزيزة زين العابدين

مترجمة لغة عبرية، وباحثة في الشئون الإسرائيلية في تخصص تحليل الخطاب السياسي الإسرائيلي.

شاهد أيضاً

قصة سيدنا ابراهيم كاملة كما وردت في التوراة

قصة سيدنا ابراهيم كاملة كما وردت في التوراة

قصة سيدنا ابراهيم كاملة كما وردت في التوراة