الموساد يكلف اليهودي من أصل مصري”موريس شماس” بكتابة كتيب نكات ويقوم بتوزيعه في مصر
بحسب ما نشرته وثائق استخباراتية إسرائيلية في ذكرى مرور 40 عام على حرب أكتوبر، قام الموساد الإسرائيلي قبل حرب أكتوبر ببضع شهور بنشر كتيب نكت سياسية، كلف اليهودي من أصل مصري “موريس شماس” بكتابته، الأمر الذي أزعج القيادة المصرية بشدة، حيث قام وزير الإعلام وقتها عبد القادر حاتم بعقد مؤتمر صحفي لمواجهة هذه الحرب النفسية. إليكم ما جاء فيها:
المزاج العام المصري قبل الحرب
قبل أشهر قليلة من حرب السادس من أكتوبر 1973م ، تميز المزاج القومي في مصر إلى حد كبير بالنكات “نكت سياسية”، والسخرية من الرئيس أنور السادات. وبعد ما يقرب من عامين من ما كان ينظر إليه في الرأي العام المحلي والعالمي على أنه تصريحات عنيفة من جانب “الريس” حول “الحسم وعدم الحسم” ضد إسرائيل – اكتسب خط إنتاج النكات السياسية زخماً ، وتوسعت دائرة نكات سياسية انتشرت في مصر.
للمزيد إقرأ أيضًا:
- ضابط استخبارات إسرائيلي ليلة حرب أكتوبر: “فرصة نشوب حرب غدًا مثل فرصة ركوب جدتي دراجة”
- معركة سرابيوم.. صفحة في تاريخ البطولة المصرية في حرب أكتوبر
- توثيق نادر: لقاء مع الأسرى الإسرائيليين في حرب أكتوبر
مؤلفا كتيب “نكات سياسية”
وقد ساهم الموساد بدوره المتواضع في هذا المزاج في إعداد كتيب نكت سياسية وطرحه في مصر. وهو عمل مشترك بين كاتب هذه السطور (حاييم ربيب- محرر صحفي للشئون العربية في جريدة بمحانيه במחנה)، والشاعر والكاتب الإسرائيلي ذو الأصل المصري موريس شماس، من كبار إذاعي “الراديو الإسرائيلي- كول يسرائيل) باللغة العربية.
وزير الإعلام المصري يعقد مؤتمرًا صحفيًا
ربما يكون توزيع الكتيب في مصر قد صب الزيت على نار الـ نكت سياسية في المجتمع المصري وأثار غضب كبار رجال الدولة. حيث عقد نائب رئيس الوزراء ووزير الإعلام وقتها الدكتور عبد القادر حاتم مؤتمرًا صحفيًا حاول فيه التقليل إلى أدنى حد من الأضرار التي لحقت بالرأي العام والجيش ؛ وأبلغ مستمعيه أن الكتاب وزع لأول مرة في أوروبا ثم وجد طريقه إلى مصر. وأضاف الوزير المصري ، “إن معظم مادة الكتيب عفا عليها الزمن وكُتبت لتشكل حربًا نفسية في الحرب العالمية الثانية. “
مصدر غير متوقع
تم الكشف عن بعض من محتويات الكتاب، الذي اخترنا له الاسم “هم من وجهة نظرناــ ونحن من وجهة نظرهم”، وبالعبرية “הם בעינינוــ ואנחנו בעיניהם” من قبل مصدر غير متوقع: سائح بريطاني جاء إلى لندن بعد زيارة القاهرة وكان يحمل الكتاب من بين متعلقاته الشخصية. وقد وصُف الكتيب في الصحف البريطانية وقتها بأنه “الهدية التذكارية الأكثر إثارة للاهتمام من عاصمة مصر”.
بداية القصة
تبدأ القصة مع أول اتصال اجريته – المتحدث: حاييم ربيب- مع الموساد أثناء خدمتي كمدني يعمل في وحدة حتسف (الوحدة المسئولة عن جمع معلومات استخباراتية من المصادر العلنية كالصحف والراديو والتلفزيون والانترنت). كان الموساد يحتاج وقتها لمترجمين لغة عربية، فقام بتجنيد عدد من أفراد الوحدة كنت أنا من بينهم. وبمرور الوقت، وبعد أن تقلدت منصب رئيس قسم الشرق الأوسط والحرب النفسية في مكتب المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، في الأعوام ما بين 1971- 1973م، تم الاتصال بي من قبل نائب رئيس الموساد دايفيد قماحي.
الهدف من الكتيب
في أحد الأيام استدعاني قماحي لمقابلته، وأثناء المقابلة عرض عليَّ فكرة تأليف كتيب نكات بغرض طرحه في مصر. وأوضح أن الكتيب يهدف في المقام الأول خدمة محاولة الموساد لتقويض العلاقة بين الخبراء العسكريين السوفييت والجيش المصري، ومحاولة الوقيعة بينهما وإثارة الرأي العام المصري ضد الوجود العسكري السوفييتي.
مقدمة الكتيب
جاء في مقدمة الكتيب ” القاريء العزيز، عندما تتصفح هذا الكتيب، قد تعتقد للوهلة الأولى أن الغرض من هذا الكتيب الترفيه، أو أنه مثل الكتيبات التي تغمر بها دور النشر التجارية السوق؛ الأمر ليس كذلك.. الغرض من هذا الكتيب أن يكون بمثابة صيحة تحذير، والذي يقتضيه واجبنا الوطني بإعلان هذا في هذه المرحلة الحرجة التي تحدد مصيرنا.. إنها محاولة للكشف عن جوانب مهمة فيما يخص علاقتنا بالاتحاد السوفيتي”.
“وهكذا بدأت حملة الهمس الساخرة المسمومة في الوصول إلى آذاننا، وبمرور الوقت تحولت الهمسات إلى نكات سياسية، والتي عرضت في الخارج كتسلية بريئة ، لكن الغرض منها في الحقيقة هو تخريب جهازنا العصبي وإضعاف روحنا المعنوية بهدف شل إرادتنا تمامًا والدفع بنا إلى اليأس والخضوع..”.
“سمعت تلك النكات “نكت سياسية” في الحفلات الاجتماعية للسوفييت في القاهرة والأسكندرية حول كؤوس النبيذ معظم الوقت، وهكذا بدأت تنتقل من فم إلى أذن بين المصريين في كل مكان. وأكثر ما يؤلمنا من كل هذا أن تلك النكات قد وصلت إلى المواقع التي يوجد بها جنودنا على ضفة القناة، الأمر الذي يتسبب حتمًا في خفض الروح المعنوية لقواتنا المسلحة، التي تستعد للمعركة الحاسمة مع قوات العدو الإسرائيلي الغاشمة… الله وحده يعلم كم ترددنا قبل نشر هذا الكتيب، فقد كنا نخشى أن نصبح نحن أنفسنا عن غير قصد إحدى وسائل نشر هذا السم بين جماهير شعبنا”.
جاء في نهاية مقدمة الكتيب أننا حاولنا في الفصل الثاني من كتيب نكت سياسية مصرية، عرض رد الفعل المصري قدر الإمكان على “السم السوفيتي”، وبالتالي كتبنا “يتضمن هذا الكتيب نكت سياسية، التي تخرج من قلب الشعب المصري وتعبر عن مشاعره، , والتي تؤلم كالجلد بالسوط، وتمثل بصفة عامة رد فهل طبيعي على الاستهزاء والغطرسة تجاه شعبنا”.
في الختام، فإن السادات، وعلى عكس سلفة ناصر، الذي كان حساسًا للغاية تجاه النكات السياسية، فقد نظر إليها على أنها انعكاس للمزاج الوطني، وشعر بالقلق وخاصة فيما يتعلق بتأثيرها على جيشه. لم يكن السادات يشعر بالإنزعاج وخاصة من الانتقادات المستفزة الموجهة إليه؛ وفي الأشهر القليلة التي سبقت الحرب، كان يتصرف كما لو كان يضع خط على المحاولات التي تجعل منه أضحوكة، والتي تسخر من تصريحاته، حيث بدا أنه يهمه الظهور في صورة “شمشون المسكين”، الأمر الذي ربما قد تزامن مع خطته الخداعية للهجوم على إسرائيل.
مقتطفات من نكت سياسية من الكتيب
- مدرس مصري يسأل أحد تلاميذه: – أحمد، ما الذي يخيفك؟ فرد عليه: – روسي. قفال له المدرس: وما الذي يخيفك أكثر؟ فرد عليه: – روسيان.
- تمت دعوة وزير الدفاع الروسي المارشال جريشكو لزيارة مصر والتقى بالرئيس أنور السادات الذي اشتكى لضيفه: خبرائك يهينون كرامتنا.. إنهم يغتصبون بناتنا وهذا سيؤدي لنتائج سلبية.. فرد عيله جريسشكو: “بالعكس، بعد 20 سنة سوف يكون لديك جيش أفضل”.
- خبير سوفيتي يسأل جندي مصري في قاعدة تدريب: ما هي مساحة الجمهورية المصرية؟ أجاب الجندي: مليون كيلومتر مربع، فسأله: وما هو طول النيل؟ فإجابه الجندي: 6650 كم، فسأله: وما هي مساحة شبه جزيرة سيناء؟ فأجاب الجندي: ثلاثة أيام سيرًا على الأقدام.
- قام خبير سوفيتي بجولة بين الجنود المصريين الذين يتدربون على تشغيل دبابة T-54. في نهاية الجولة اتصل الخبير بالمرشد الروسي وسأله: كم مضى من الوقت منذ بداية تدريبهم على هذه الدبابة؟ فأجاب: ثلاثة أشهر. فسأله الخبير: وهل تقدموا في تدريبهم؟ فأجابه: نعم يا سيدي، لقد حققوا تقدمًا كبيرًا، إن جميعهم يعرفون الآن أن هذه الدبابة روسية الصنع.
للمزيد من تلك الوثائق الإسرائيلية المترجمة يتبع…