معركة المنصورة الجوية هي معركة جوية نشبت بين مصر ودولة الاحتلال إسرائيل في 14 أكتوبر 1973 أثناء حرب أكتوبر المجيد عام 1973.
في معركة المنصورة الجوية حاولت القوات الجوية الإسرائيلية تدمير قواعد الطائرات الكبيرة بدلتا النيل، في كل من طنطا والمنصورة والصالحية، لكي تحصل على التفوق في المجال الجوي، الأمر الذي يمكنها من التغلب على القوات البرية المصرية، إلا أن الطائرات المصرية تصدت لها.
وكانت أكبر معارك معركة المنصورة الجوية في يوم 14 أكتوبر بمدينة المنصورة في أكبر معركة جوية في التاريخ بعد الحرب العالمية الثانية، ولذا أصبح هذا اليوم العيد السنوى للقوات الجوية المصرية.
أثناء حرب أكتوبر أطلقت إسرائيل غارة كبيرة الحجم تتكون من 165 طائرة مقاتلة، من نوع إف-4 فانتوم الثانية، وإيه-4 سكاي هوك (A-4 Skyhawks)، لتدمير قاعدة المنصورة الجوية.
استمرت معركة معركة المنصورة الجوية 53 دقيقة استناداً إلى المصادر المصرية. اشتبكت في تلك المعركة 180 طائرة مقاتلة في آن واحد معظمها تابع لإسرائيل.
في اليوم التاسع من حرب أكتوبر، أطلق الجيش الثاني و الثالث للقوات المسلحة المصرية، والذي يتكون من تسعة ألوية مدرعة في محاولة لتوسيع رأس جسرهم الحالي علي الجانب الشرقي لقناة السويس، وكانت هذه الألوية مدعومة بقاذفات (MIG_21) ،(SU_7) ، ( SU_20) ، ( MIRAGE ).
وكان معظم تلك الطائرات متمركزة في القواعد الجوية غرب القناة و في دلتا النيل، وهذه الطائرات القاذفة كانت تؤدي مهماتها وهي تحت حماية المقاتلات من طراز ( MIG_21 MF) التابعة للواء دفاع جوي (104)، والذي كان يتمركز معظمه في قاعدة المنصورة الجوية، حيث كان به سربين من تلك الطائرات، أما السرب الثالث فكان متمركز في قاعدة طنطا الجوية.
وردًا علي ذلك حاولت القوات الجوية الإسرائيلية للمرة الرابعة أن تحطم اللواء 104، والذي كان يستخدم في مهام الدفاع الجوي، و تقديم الحماية و الغطاء للقاذفات المصرية المتجهة لضرب الأهداف الإسرائيلية في سيناء.
للمزيد إقرأ أيضًا:
- شهادات الإسرائيليين في معركة المزرعة الصينية: “أُرسلنا لنكون طعامًا للدبابات”:
- خطاب بيجن أمام الرئيس السادات في الكنيست
- وثائق إسرائيلية رسمية تؤكد: الموساد نشر كتاب “نكت سياسية” في مصر قبل حرب أكتوبر لإزعاج القيادة المصرية
وعندما تقوم بضربه وتدميره فإنه سوف تستعيد بذلك السيادة الجوية التي كانت تتمتع بها سابقًا عندما قامت بتحطيم الطائرات المصرية في نكسة يونيو 67.
انطلقت الهجمات الإسرائيلية ضد المطارات الجوية المصرية في كلا من المنصورة وطنطا والصالحية، كما كانت هناك محاولات إسرائيلية في أيام 7 و9 و12 من أكتوبر لتدمير قاعدة المنصورة الجوية، و اللواء 104 المتمركز بها.
بيد أن هذه المحاولات باءت كلها بالفشل، بعد أن أخفقت الهجمات الإسرائيلية في خرق الدفاعات الجوية المصرية من صواريخ و مدفعية وطائرات مقاتلة معترضة، واعترف الإسرائيليون أنفسهم بفقدان 22 طائرة في اليوم السابع من الحرب، و هو يوم 12 أكتوبر، وكان هذا اليوم هو أسوء يوم للقوات الجوية الإسرائيلية، و اليوم الذي عبر عن بسالة المصريين في معركة المنصورة.
أما الهجوم الإسرائيلي الرابع علي هذه القواعد، وهو الأشهر من بين هذه الهجمات الإسرائيلية، حيث قامت أكثر من 100 طائرة F_4 فانتوم و A_4 سكاي هوك، بمحاولة لضرب القاعدة الجوية الضخمة بمدينة المنصورة، وقامت معركة جوية هي الأكبر من نوعها منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية.
اشترك في أحداث معركة المنصورة الجوية أكثر من 180 طائرة مقاتلة من كلا الجانبين، و كانت معظم تلك الطائرات للقوات الجوية الإسرائيلية المهاجمة، واستمرت حوالي 53 دقيقة طبقًا للتصريحات من الجانبين المصري والإسرائيلي.
وبالإضافة للتفوق العددي من جانب القوات الجوية الإسرائيلية، والتي امتلكت طائرات مختلفة الطرازات وحديثة، لعل أهمها PAHANTOMS & MIRAGE & SKY HAWK، هذا بالإضافة إلى الطيارين ذو التدريب الفائق و الخبرة الممتازة.
سر التفوق المصري في معركة المنصورة الجوية
تميزت القوات الجوية المصرية عن القوات الجوية الإسرائيلية، في أن الطيارين و الطائرات المصرية كانت مدعومة بموظفي الصيانة و محطات القيادة و السيطرة و التوجيه الأرضي؛ لأن المعركة كانت فوق الأراضي المصرية في دلتا النيل.
كما كانت الروح المعنوية العالية للطيارين المصريين من أهم أسباب التفوق المصري في معركة المنصورة الجوية؛ لأنهم كانوا يدافعون عن سماء بلادهم، و بسبب أيضا ما حققته الضربة الجوية في يوم السادس من أكتوبر 1973 من أهداف أعادت لهم الثقة بالنفس مرة أخرى.
كذلك كان اللواء 104 جوي مشغول بالكامل منذ اليوم الأول للحرب، حيث كان بجانب قيامه بعمليات الغطاء الجوي للقاذفات المصرية، أصبح يقوم بمهمات الهجوم والقذف الأرضي، هذا بجانب قيامه بالدفاع عن مجاله الجوي فوق مدينة المنصورة ضد هجمات الجانب الإسرائيلي المستمرة لتدمير القاعدة الجوية.
في عصر يوم الأحد 14 أكتوبر 1973، كان كل شيء هادئ و لم يُلاحظ أي أمور غير اعتيادية فوق سماء مدينة المنصورة، إلا من صوت الطائرات المقاتلة التي تطلق من القاعدة إلى سيناء لتنفيذ المهام الموكلة بها، والعودة مرة أخرى للقاعدة.
وقد أبقيت عدد من طائرات MIG_21 متمركزة في نهاية المدرجات الخاصة بالقاعدة في حالة إنذار قصوى، وكان الطيارون في قمرات القيادة يتحملون الشمس المصرية المشتعلة. و في تمام الساعة الثالثة والربع من مساء نفس اليوم أنذرت مواقع المراقبة المصرية علي ساحل دلتا النيل قيادة القوات الجوية المصرية، بأن هناك 20 طائرة فانتوم قادمة من اتجاه البحر، وهي تطير فوق المنطقة الجنوبية الغربية باتجاه مدينة بور سعيد.
دور الريئس المصري السابق محمد حسني مبارك في معركة المنصورة الجوية
في ذلك الوقت تواجد في مقر القاعدة الجوية المصرية في المنصورة اللواء جوي أركان حرب محمد حسني مبارك، قائد القوات الجوية المصرية، و الذي استلم الإشارة و أمر قائد اللواء الجوي 104 أحمد عبد الرحمن نصر بتجهيز 16 طائرة MIG_21، والتي كانت مستعدة للانطلاق، كما كانت محمية بالأغطية الواقية من الشمس، كما أمر طياري هذه المقاتلات بألا تبحث عن الطائرات المهاجمة، أو حتى تشتبك معها، و ألا يقوموا بأشغالهم.
وقد حير هذا الطلب الطيارين المصرين؛ لأنهم كانوا معتقدين أن القيادة ستطلب منهم الانطلاق الفوري والاشتباك مع هذه المقاتلات التي تم اكتشافها، بيد أن قادة القوات الجوية المصرية قد تعلمت الكثير عن الأسلوب الإسرائيلي، وذلك من خلال التجارب التي مرت بها في حرب الاستنزاف في أواخر الستينات، كما أصبح هذا الدرس من الدروس المستفادة من معركة المنصورة الجوية.
وكان الأسلوب الإسرائيلي يتبع نمط موحد عند هجماتهم، حيث كان يقوم عند أي هجمة جوية بإرسال 3 موجات من المقاتلات، حيث اعتاد أن تكون الموجة الأولى علي إغراء المقاتلات المصرية المدافعة، وإبعادهم عن الأهداف التي تقوم بحمايتها، و بذلك تنصب لها فخ. بينما تقوم في الموجة الثانية طائرات الهجوم الأرضي بقمع الدفاعات الجوية المصرية وضرب الرادارات. أما الموجة الثالثة، وهي الموجة الأساسية التي تقوم فيها المقاتلات القاذفة بضرب الأهداف التي هي أساس تلك الهجمات.
ونتيجة لذلك اعتبر ت القيادة المصرية أن هذه الطائرات هي الموجة الأولي المخصصة لنصب الفخ للمقاتلات المصرية الدفاعية بهدف إشغالها؛ لذلك طُلب من طائرات MIG_21 المصرية ألا تعترض تلك المقاتلات.
وبالفعل قامت طائرات الفانتوم الإسرائيلية بالطيران في دائرة واسعة لبعض الوقت، و بعد أن أخفقت في إغراء المقاتلات المصرية لكي تترك مدينة المنصورة والقاعدة الجوية تراجعت إلى البحر المتوسط مرة أخرى.
وفي الساعة الثالة والنصف مساء ذلك اليوم أرسلت قيادة الدفاع الجوي المصري تحذيرًا بوجود حوالي 60 طائرة للعدو تقترب من ثلاثة اتجاهات هي: بور سعيد وبلطيم ودمياط، فأعطي قائد القوات الجوية اللواء حسني مبارك الأمر باعتراض تلك المقاتلات، وفي نفس الوقت قام بالتوضيح لطياريه لماذا لم يقم بإعطائهم هذا الأمر منذ البداية.
حينئذ قام قائد اللواء جوي 104 أحمد نصر، والذي أصبح فيما بعد قائد القوات الجوية المصرية أمرًا بإزالة الأغطية الواقية من الشمس من فوق 16 مقاتلة MIG_21، الرابطة علي مدرجات المطار، وطلب من الطيارين أن يهاجموا التشكيلات الإسرائيلية الثلاثة في محاولة لجعلهم يتشتتون؛ وبالتالي يصبحوا عرضة لقنص بقية مقاتلات اللواء 104 الجوي.
بعد أن انطلقت 16 طائرة ميج _21 من قاعدة المنصورة الجوية انطلقت حوالي ثمانية طائرات مقاتلة MIG_21 أيضا من قاعدة طنطا الجوية للمشاركة في القتال و دعم هذه المقاتلات.
في حوالي الساعة 3:38 مساء ذلك اليوم، أخبرت محطات الرادار المصرية القيادة بأن هناك حوالي 16 طائرة إسرائيلية أخرى تطير علي مستوي منخفض جدًا، ومن نفس الاتجاه، فتم تجهيز آخر ثمانية مقاتلات MIG_21 موجودة في قاعدة المنصورة الجوية، وإرسالها بسرعة.
بعد ذلك تم إرسال 8 طائرات مقاتلة أخري من طراز MIG_21 من قاعدة أبو حماد الجوية للمساعدة، و دارت معركة جوية عنيفة جدًا، فكان يوجد حوالي 160 طائرة فانتوم وسكاي هوك مختلطة مع حوالي 62 طائرة MIG_21 مصرية.
في حوالي الساعة 3:52 مساءًا، التقطت الرادارات المصرية موجة أخرى من طائرات العدو، خمن أنها حوالي 60 طائرة أخرى من طرازي فانتوم وسكايهوك، والتي كانت تطير علي مستوي منخفض جدًا، ومن نفس الاتجاه كما في السابق، و يُعتقد بأن مهمة تلك الطائرات كانت ضرب أهداف لم يتم أصابتها في الموجة الثانية؛ لذا فقد تم تجهيز حوالي 8 طائرات MIG_21 من قاعدة أنشاص الجوية لاعتراض تلك الموجة.
ومع اقتراب الموجة الإسرائيلية الثالثة من بلدة دكرنس الموجودة في دلتا النيل، دخلت في اشتباك جوي بطريقة “Dogfight” (اقتتال الطائرات بحيث تكون المسافة الفاصلة بينها ضئيلة للغاية) مع الطائرات المصرية، وبينما كانت الموجة الإسرائيلية الثانية تهرب شرقُا، قامت حوالي 20 طائرة ميج بالهبوط للتزود بالوقود بينما المعركة مستمرة من فوقهم، ثم طارت مرة أخرى للاعتراض.
أدرك قائد الموجة الثالثة من الطائرات الإسرائيلية بأن الهجمات السابقة قد فشلت، وأن هناك مقاتلات مصرية في سماء المعركة أكثر مما كان يتوقعه، فقام بأمر الطائرات الإسرائيلية بالتراجع، وقد عبرت آخر طائرة إسرائيلية الساحل حوالي الساعة 4:08 مساءًا.
بيان الإذاعة المصرية وبيان الإذاعة الإسرائيلية المضلل
في تمام الساعة العاشرة مساءًا بالتوقيت المحلي لمدينة القاهرة صدر البيان رقم 39، حيث أعلنت الإذاعة المصرية أن المقاتلات المصرية من عدة مطارات اشتركت في معركة جوية كبيرة شمال الدلتا مع طائرات العدو، وأنه تم إسقاط 15 طائرة للعدو و فقدان 3 طائرات مصرية.
في حين ادعت الإذاعة الإسرائيلية أن القوات الجوية الإسرائيلية أسقطت 15 طائرة مصرية، ثم عُدل الرقم إلى 7 طائرات بعد ذلك.
بعد ذلك أصدرت القوات الجوية المصرية بيانًا مفصلاً، ذكرت فيه أنه قد تم إسقاط 17 طائرة للعدو، وفقدان 6 طائرات مصرية، ثلاثة منها أسقطتها طائرات إسرائيلية، بينما تحطمت اثنتين لنفاذ الوقود وعدم وصولهم لقاعدتهم الجوية لإعادة التزود بالوقود، أما الثالثة فقد تحطمت نتيجة انفجار طائرة فانتوم إسرائيلية بالقرب منها.
نتائج معركة المنصورة الجوية 14 أكتوبر
في الساعة العاشرة مساء يوم 14 أكتوبر بتوقيت القاهرة المحلي، أذاع راديو القاهرة البيان رقم 39، و جاء فيه:
“دارت اليوم عدة معارك جوية بين قواتنا الجوية وطائرات العدو التي حاولت مهاجمة قواتنا و مطاراتنا، وكان أعنفها المعركة التي دارت بعد ظهر اليوم فوق شمال الدلتا. وقد دمرت خلالها للعدو 15 طائرة، وأصيب لنا 3 طائرات. كما تمكنت وسائل دفاعنا الجوي من إسقاط 29 طائرة للعدو منها طائراتا هيليكوبتر؛ و بذلك يكون إجمالي خسائر العدو من الطائرات في المعارك اليوم 44 طائرة منها طائرتا هيليكوبتر”
بيان الإذاعة الإسرائيلية
في نفس الوقت زعم الراديو الإسرائيلي في صباح اليوم التالي أن القوات الجوية الإسرائيلية أسقطت 15 طائرة مقاتلة مصرية، بيد أن هذا الرقم تضائل إلى سبعة طائرات فيما بعد.
بعد إنتهاء حرب السادس من أكتوبر، والتدقيق في البيانات التي أعلنها الجانبين المصري والإسرائيلي، تبين أن نتائج معركة المنصورة الجوية الحقيقية، والتي تعطي ملخص معركة المنصورة كانت إسقاط 17 طائرة مقاتلة إسرائيلية بواسطة 7 طائرات ميج. كما أسقطت 3 طائرات مقاتلة مصرية، بالإضافة إلى فقدان طائرتين بسبب نفاذ وقودهما و عدم قدرة طياريها من العودة إلى القاعدة الجوية، كما تحطمت طائرة ثالثة أثناء مرورها عبر حطام طائرة فانتوم متناثرة في الجو، كانت قد أسقطت بواسطة تلك الطائرة.
أسماء أبطال معركة المنصورة الجوية
بالإضافة إلى قائد اللواء جوي اللواء طيار أحمد نصر قائد معركة المنصوره الجويه، والذي أصبح فيما بعد قائد القوات الجوية، اشترك في معركة المنصورة الجوية العديد من الطيارين الذين عبروا عن بسالة المصريين في معركة المنصورة، ومنهم طيار مقاتل مدحت عارف، مقاتل طيار أحمد يوسف الوكيل، مقاتل طيار نصر موسى، المقاتل طيار قادر حامد.
وقد أشادت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية بالجيش المصري، حيث أشارت إلى أن إسرائيل قد خسرت 20% من سلاحها الجوي في بداية الحرب، وأن معظم خسائرها كانت من طائرات الفانتوم و القاذفات الثقيلة.
كفاءة الطيار المصري في حرب أكتوبر 73
أشارت أيضًا صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية أن الطيار المصري لم تظهر عليه الكفاءة فقط في حرب 1973، بل أن الطيار المصري لو أتيح له القتال في حرب 1967، لرأي الإسرائيليون ما لم يشاهدوا من قبل، وأفظع مما رأوه في حرب 1973؛ لأنه ليس صحيح كما يقال أن مصر انسحبت أمام إسرائيل في حرب 5 يونيو، وأن مصر لم تحارب من الأساس، بالإضافة إلى أن طائرتها تم تدميرها علي الأرض، و ليس في معارك جوية.